خاطرة لغوية: العربية تسأل لماذا ”كوتش حياة“؟
في الإعلانات لبعض فعاليات المجموعات الثقافية مؤخرًا تجد كلمة ”كوتش حياة“، توصيفًا أو تلقيبًا للشخصيات المشاركة.
أنا أفهم ”المدرب“، في“رطانة”الموارد البشرية، ليس بالضروري أن يكون ”كوتش“ ولكن ”كوتش“ لابد أن يكون مدربًا. «رطانة تعني لغة المهنة، مع معانٍ أخرى»
لكن بسبب أن ”كوتش“ كلمة أجنبية عن العربية، فهي تثير الاستغراب والسؤال: لما لا نبتعد عن ”فَرْنَجَة“ لساننا العربي؟
هل عقمت العربية عن الإنجاب أو هرمت فلا تستطيع الرعاية؟ أم أبناءها كبروا و”تثقفوا“ فوجدوها ما عادت تعطي كما كانت، و”زوجة الأب الأجنبية“ أغنى وأكرم؟ كم هذا مؤلم؟
”كوتش“ في الأصل كلمة هنجارية «اللغة المجرية» بمعنى «carriage» الإنجليزية أي ”عربة أو“ ناقلة ”، في اللغة العربية. وفي عام 1830م استخدمتها جامعة اكسفورد البريطانية «الإنجليزية» كمفردة متداولة قبل اعتمادها في معجمها، معجم أكسفورد «Oxford English Dictionary»، ويعرف اختصارًا ب «OED» لتعبر عن“ المدرس الخصوصي" الذي يقود كل طالب من نقطة ضعفه في أي من المواد إلى أن يصبح قادرًا على اجتياز الاختبار.
وتمدد معناها «Meaning» وشكلها «Form» لتصبح ال ”كوتشينج“ «Coaching» تطلق على ”العملية التدريبيه غير المباشرة“، حيث يبدأ «الكوتش» بالمتدربين وخبراتهم ومدى ثقافتهم ومن ثم يبدأ بإضافة مهارة أو خبرة لدى كل واحد منهم، حسب مستواه، فيتابعه إلى أن يرتقي في أدائه ليصل إلى هدفه أو وجهته. في المقابل، ”التدريب“، باختصار وبعيدًا عن التفاصيل، هو ”عملية تدريبية مباشرة“.
التشابه والتداخل بين العمليتين موجود بشكل كبير لكن اللغة العربية لديها السعة والقدرة في أن يقال لمن يقوم بعملية التدريب المباشر «Training» ”مدرب“ «Trainer». وممكن أن نطلق على المدربين حسب خبرتهم ومهارتهم: ”مدرب أول“، و”مدرب ثاني“ أو غير ذلك من تصنيفات الرتب والدرجات.
ولمن يقوم بعملية التدريب غير المباشر «Coaching»، أي ”التوجيه“، أن نطلق عليه ”موجه“ «Coach»، لما فيهما من دقة المعنى وسمو الإيحاء في تحديد ومعرفة الجهة والوجهة، فنكون قد حافظنا على ”المرتبة الأرفع“ لما يقوم به الموجه فوق ”التدريب“، واحتفظنا بجمال لغتنا العربية وقدرتها على الإنجاب والرعاية ومواكبة التطور. وهذا أقل الواجبات نحو ”عربيتنا“.
ولكن هذا لا يعني أن اللغة العربية، أو أيّ لغة أخرى، قادرة على استيعاب كل مفهوم ثقافي أجنبي، فتسمية المفاهيم وتوليد المفردات لها آلياتها في كل لغة، ومنها، ما يسمَّى“الاقتراض اللغوي ”«Linguistic Borrowing»، وهو يشمل“ النقل ”أو“ الإدخال ”، متمثلًا في“ التعريب ”في اللغة العربية، و“ الأنجلزة" «Englishization»، وما يقابلهما في اللغات الأخرى.
وختامًا، هذه الخاطرة لا تعني مفردة «كوتش» بذاتها أو من استخدمها، بل هي أنموذج لظاهرة منتشرة وددت لفت أنظار الناشطين في المجالات الثقافية والمعرفية لها وكذلك المعلنين عنها.
وما نحن بصدده يختلف تمامًا عن عملية التعريب، أو الحاجة إليها. وهناك أبعاد له تستحق الذكر في خاطرة أو مقالة أخرى.