آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

عودةُ العراق حاجةٌ خليجية!

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

العام 2018، وفي شهر نوفمبر، أثناء زيارة الرئيس العراقي برهم صالح إلى المملكة، التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأثناء سلام الأمير على الوفد المرافق للرئيس صالح، مد رئيس جهاز الاستخبارات العراقي - حينها - مصطفى الكاظمي، يدهُ لمصافحة ولي العهد، إلا أن الأمير عِوض ذلك، عانقه من بين الحضور، وتالياً سلم عليه، وفي ذلك إشارة واضحة عن مدى الاحترام الذي يناله الكاظمي لدى القيادة السعودية، حتى قبل أن يصبح رئيساً للوزراء.

رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أرسل نائبه الوزير علي عبدالأمير علاوي إلى السعودية، لتكون أول محطة يتجه لها المبعوث رفيع المستوى، في مايو الماضي، بعد تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد.

وعندما أراد الكاظمي أن يبدأ أولى جولاته الخارجية، كانت السعودية هي مقصده الأول، قبل إيران أو سواها من الدول، قبل أن تتأجل في آخر لحظة بسبب دخول الملك سلمان بن عبدالعزيز، المستشفى، لإجراء فحوصٍ طبية، شفاهُ الله وعافاه.

اختيار رئيس الوزراء العراقي للسعودية، كان قراراً ينطوي على رسالة واضحة: العراق يريد أن يبني صلاتٍ قوية مع عمقه العربي، والرياض هي الثقلُ الأساسيُ لهذا العمق، ومن خلال شراكاتٍ حقيقية معها، يستطيع العراق أن يتخفف شيئاً فشيئاً من مشكلاته التي تراكمت عبر عقود.

في بغداد رئيس جمهورية، ورئيس وزراء، يمتلكان تناغماً في الأداء، ويؤمنان بأهمية استقرار الدولة، والتنمية، وبناء علاقات إيجابية مع دول الجوار، وهما في هذا المسلك لا يمتلكان النوايا الصادقة وحسب، بل بدأ كلاهما عملياً في انتهاج سياسة مغايرة عن أسلافهم، وخطاب أكثر وضوحاً وشجاعة تجاه الحركات الإرهابية والمليشيات المسلحة، وحتى التدخلات الخارجية.

توثيق العلاقات العراقية - السعودية، فرصة لبغداد والرياض، من أجل تفاهمات قوية، مبنية على الصراحة والاحترام. فالعراق يريد دعماً اقتصادياً وسياسياً سعودياً، لكي يستطيع أن يوفر الكهرباء، ويعيد إعمار المدن التي تهدمت أثناء مواجهة داعش، وأيضاً لحصر السلاح بيد الدولة، ومواجهة الخلايا الإرهابية.

السعودية من جهتها، يهمها أن تحمي حدودها، وألا تشكل الفصائل المسلحة مصدر تهديد لها، وأن يكون العراق دولة مستقلة في قراره السياسي، بعيداً عن وصاية إيران؛ دون أن ننسى أن رجال الأعمال السعوديين يرغبون في الاستفادة من الفرص الاقتصادية في العراق، وهو استثمار تسعى بغداد لتشجيعه، لكنها بحاجة لبيئة آمنة، تجعل المستثمرين يقدمون دون خوف.

ربما تُعتبرُ حكومة مصطفى الكاظمي، أكثر الفُرص المتاحة للشعب العراقي، والحكومات الخليجية، من أجل عودةِ العراص، وهي العودةُ التي بحاجة لشبكة أمان إقليمية عِمادها السعودية. والرياضُ مدركةٌ لأهمية دورها المحوري في أمن الخليج، الذي لا يتحققُ ما لم يتم التخلص من ”داعش“ والمجموعات الإرهابية، ويحصرُ السلاح بيد الدولة العراقية، وهي المُهمة التي لا يمكنها أن تُنجز بين عشية وضحاها، لأن أي استعجال من الممكن أن يُفجر حكومة الكاظمي، كما أن التأخر من شأنه أن يضعف الدولة وينهكها أكثر وأكثر.

الدعمُ الخليجي للعراق، هو ما سيساعد الحكومة على ترتيب أوراقها، وتقديم مُنجزات اقتصادية وأمنية للشعب العراقي، ويخلقُ بيئة حاضنة وقوية، تسند القرارات الحكومية في بسط سلطة الدولة، ومعاقبة أي سلاح أو فصيلٍ يخرجُ على القانون.