آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

تحويل الضريبة إلى استهلاك

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة اليوم

ارتفع مؤشر الأسعار للمستهلك في يوليو ارتفاعا تجاوز 6 في المائة متأثرا بزيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 15 في المائة، حيث شهدت أسعار كل أقسام السلع والخدمات ارتفاعا كبيرا بلغ 5,9 في المائة مقارنة بيونيو 2020. فخلال شهر، ارتفع مؤشر النقل 13,7 في المائة، والاتصالات 10,2 في المائة. ويقاس المؤشر بناء على سلة تتكون من 490 سلعة وخدمة، لكل منها وزن ثابت، فمثلا، وزن السكن والمرافق والوقود يزيد قليلا على 24 في المائة، ووزن الأغذية والمشروبات نحو 19 في المائة، ووزن النقل نحو 10 في المائة، ووزن الاتصالات نحو 8,5 في المائة. وهكذا، فإن مجموع أوزان هذه الضروريات يبلغ نحو 61 في المائة. علما بأن مكونات السلة ثابتة لم تتغير منذ ما يزيد على العامين، وعام الأساس هو 2013.

أما المفارقة، فهي أن المؤشر عايش حالة مغايرة مع كورونا كوفيد - 19. لنأخذ الحالة من البداية، ففي بداية العام ”يناير“ انخفض المؤشر انخفاضا لا يذكر ”0,2 في المائة“ مقارنة بديسمبر 2019، وكانت المجموعة الأكثر انخفاضا في يناير هي السكن والمرافق، فقد انكمشت نحو 3,3 في المائة. في فبراير ارتفع المؤشر بنحو 0,3 في المائة، وفي مارس ارتفع 0,1 في المائة عن فبراير 2020. أما في أبريل، فقد بدأت الجائحة تلقي بظلالها الثقيلة ليس فقط على السوق، بل حتى على الطريقة التي أجرت بها مصلحة الإحصاءات العامة مسح الأسعار لجمع المعلومات، نتيجة للتقيدات على فتح المحال التجارية وللحظر، ومع كل ذلك فقد تراجع المؤشر العام للأسعار تراجعا طفيفا في أبريل ”-0,1 في المائة“ عن مستواه في مارس، نتيجة لارتفاع أسعار الأغذية والأشربة في الأساس. وفي مايو 2020 واصل المؤشر انخفاضه بنسبة ”-0,2 في المائة“ مقارنة بأبريل، بسبب انكماش تكاليف النقل بالأساس. واستمر تراجع مؤشر أسعار المستهلك في يونيو، وبواقع ”-0,3 في المائة“ عن مايو، بسبب انكماش أسعار السكن والنقل والملابس والترفيه حتى الأغذية والمشروبات.

الخلاصة، أن إدارة الأزمة تمكنت باقتدار من الحفاظ على استقرار الأسعار رغم تحديات الجائحة، تبعتها زيادة ضريبة القيمة المضافة فأحدثت قفزة في الأسعار. ورغم أنه من الصعب التنبؤ بسلوك المؤشر، إلا أن استقرار الأسعار أمر أساسي، وهكذا فالأمر بين مفصلين، 1. السعي لتحييد أي ضغوط تضخمية إضافية قد تؤدي لرفع المؤشر تحقيقا لاستقرار الأسعار. 2. خفض الضريبة على الأساسيات، وتحديدا السكن والمرافق والأغذية والمشروبات والنقل والاتصالات، وتمثل نحو 60 في المائة من السلة، ونحو 53 في المائة من إنفاق الأسرة في المتوسط، بما يترك فسحة أوسع لاستهلاك بقية السلع والخدمات، تحقيقا لنمو الناتج المحلي الإجمالي.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى