آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

درر الإمام المجتبى (ع)

ورد عن الإمام الحسن المجتبى : صاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك به تكن عدلا» «بحار الأنوار ج 75 ص 116».

يحدثنا الإمام الحسن المجتبى عن مفهوم العدالة الاجتماعية وكيفية تحقيقه من أنفسنا تجاه أفراد المجتمع، بما يلتمس منه إقامة علاقات مستقرة وراسخة تتزين بالثقة والتعاون والاحترام، فيهبنا هذه القاعدة الذهبية في التعامل والتي يتآزر في استشعار مفرداتها ونتائجها العقل الواعي والوجدان النشط، فما نحب أن نتلقاه من الآخرين من تعامل جميل وتحية حسنة وكلام مهذب وتعامل راق فكذلك ينبغي أن يصدر منا ذلك، ومن الظلم الاجتماعي أن نخضع علاقاتنا لازدواجية فحواها أن نتعامل بجفاء وغلظة بينما نتحرى الرقة في التعامل من الغير، كما أن المزاجية والأهوائية المقيتة التي تجعل الغير في حيرة من أمره، مردها التعامل غير المتوقع والغريب والمتقلب معهم، والذي يبقي مشهد هذه العلاقات في اضطراب وضعف لا يبتني على مرتكزات قوية.

التعامل الحسن مع الآخرين مجموعة من المهارات الاجتماعية والتي يتحصل منها علاقات حسنة ووثيقة، تتعلق بطريقة التعامل والتخاطب واتخاذ المواقف والقرارات الثنائية في أجواء أخوية، فعماد العلاقة الحسنة هو احترام النفس قبل احترام الغير من خلال التحلي بالأخلاق الحميدة والصفات المحببة للنفوس، فإن تقبل الغير لنا لا يحتمه أي قانون سوى قانون الاحترام والتعامل الراقي، وروح العطاء والمساعدة بمختلف أشكالها واستشعار هموم وتطلعات الآخر والاهتمام به والسؤال عنه ينسج معالم الثقة والود، فالتعامل الحسن هو ما يكسب ثقة الغير والمقبولية والترحيب عنده، ولا يحتاج المرء لسؤال الغير عن مدى قوة علاقاته ومدى ما يتمتع به المرء من محبوبية، فنظرة الآخر لنا انعكاس لما نراه لهم من نظرة إيجابية وتوقعات حسنة في مستقبل الأيام، فإذا كنا نتعامل بخلق حسن وبساطة لا تكلف فيها ونتحدث بتقدير للشخص المقابل فإن تلك الأخلاق الرفيعة هي مرسال المحبة والاحترام.

ولابد لنا من تسليط الضوء على مجموعة من التعاملات التي تخالف القيم التي يدعو لها الإمام المجتبى ، وهي مفردات في الظلم الاجتماعي تهدم كل حب واحترام بين الأفراد وتقود نحو علاقات ضعيفة، وهي ذلك التعامل غير الحسن مع الآخر في الحديث والمواقف، فالتعالي والتعامل مع الغير من البروج العالية والنظر للآخرين بدونية واستصغار، لمجرد شعور بالعظمة لمجرد امتلاك شهادات علمية أو خبرات أو مناصب أو وجاهات مالية وغيرها من أسس القوة الوهمية يقوض عرى أي علاقة، فماذا نتوقع من نظرة الغير للمتكبر الذي لا يرى الناس شيئا بل ويستخسر حتى مجرد إلقاء التحية بلطف على الناس أو الابتسامة في وجوههم أو إلقاء كلمة طيبة تشرق لها نفوسهم؟!

وذاك المغرور الذي يرى في نفسه الأفضلية في كل شيء وينظر للناس بعين دقيقة ترى صغائر الهفوات والأخطاء فيهم، ويتحين الفرص لإرضاء نفسه المريضة بالانقضاض عليهم لتسجيل الانتصارات الوهمية في مشهد علاقاته الاجتماعية لن يلقى أي ترحيب به أو مقبولية في الوسط المجتمعي.

ومهما تكاثرت الأشواك فستعلو الورود المزهرة، فلا ينبغي لنا تغيير المقياس الاجتماعي بسبب تعظيم الوجاهات الوهمية وضياع حق المحترمين لأنفسهم بالتواضع، فنبدل ثوب قيمنا ونتردد في التعامل بالأخلاق الحسنة، فإننا اليوم نشهد طغيان المصلحية والبحث عن المنافع بعيدا عن أي قيم أخلاقية، هذه الانتهازية الضيقة ستفقد أصحابها الطمأنينة وراحة البال وتورثهم القلق المستمر خوفا من ضياع مكتسباتهم.

والخلاصة أن العدالة الذاتية والإنصاف من النفس تعني كراهية التعامل القبيح والرديء مع الآخرين مما لا نحب أن نقابل به، فمن أحب أن يقيم علاقات راسخة ومستقرة وناجحة عليه أن يضبط مشاعره وفكره ولسانه وفق القيم الحسنة والنظرة الإيجابية لكل من يتعامل معه، فما يورث الطمأنينة النفسية والأمن المجتمعي هو الاحترام والصدق وإنصاف الآخرين من أنفسنا.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد عبدالمحسن
[ الدمام ]: 25 / 9 / 2020م - 7:11 ص
ذكرى إستشهاد الإمام الحسن بن علي ( عليهما السلام ) هي ذكرى مؤلمة أصابة الإنسانية في مقتل.
هذا الإمام المظلوم قد عانى كيثراً من العامة والخاصة، فقد كانت حرب شرسة بين الحق والباطل، سعت قوى الشر والضلال الى محاولة طمس طريق الحق مستخدمة أدوات شريرة وظفتها في إقتياد العقل الجمعي نحو محاربة هذا الإمام إبن رسول الله صل الله عليه وآله ..!!..