آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 9:19 م

المنشآت العائلية غير النفطية

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

لدينا منشآت عائلية، بدأت من جهد عصامي ينتج سلعة أو خدمة، راكم خبرته وتواصلت نجاحاته بما مكنه من الاستمرار لأجيال متعاقبة، منها ما أصبح ملء السمع والبصر ليس فقط محليا، بل كذلك إقليمي وعالمي. وهناك منشآت عائلية حققت ثروات نتيجة تتبع الفرص، مثل ”النحل“ يقفز من زهرة إلى زهرة بحثا عن الرحيق، فهدفه الأول تحقيق الربح وتنمية الثروة. وبالإمكان تسمية هذه الفئة بالمنشآت الباحثة عن الإيرادات النفطية، كناية عن تتبع الإنفاق على العقود الحكومية فقط، فتراها تتابع حركة العقود، في جميع الأنشطة والقطاعات، فالفرصة هي ”المناقصة“.

ليس من عيب في ذلك سوى أنه لا يبني اقتصادا متنوعا متخصصا، وليس فيما أقول اعتراض على نشاط تنفيذ المقاولات والعقود الحكومية، بل في استقرار المنشآت التي تتوسع وتنكمش تبعا لما تحصل عليه من عقود حكومية، فلا نشاط لها إلا هذا. وفي المقابل ستجد منشآت عائلية حققت نجاحات من أنها تجيد أعمالا بعينها في الصناعة أو الزراعة أو الصحة أو البنوك، فأصبحت أسماء لامعة.

تتسارع وتيرة وتنويع الاقتصاد السعودي، ليس فقط من خلال البرامج والمبادرات الحكومية، وفي مقدمتها برامج الرؤية، بما في ذلك برنامج التنويع الاقتصادي، الذي يقوده صندوق الاستثمارات العامة، بل كذلك من خلال المنشآت العائلية. ولماذا المنشآت العائلية تحديدا؟، لأن أنجح المنشآت غير النفطية في اقتصادنا السعودي هي المنشآت العائلية. لنأخذ نظرة أكثر قربا: حجم الاقتصاد السعودي نحو 2500 مليار، تسهم المنشآت العائلية بنحو 800 مليار ريال، ويقارب عددها نحو الثلثين من إجمالي المنشآت السعودية. فلا يوجد مكون سواه في الاقتصاد السعودي ينافس منفردا مساهمة النفط، والمقصود بمساهمة النفط هنا قطاع التعدين والتحجير «ويشمل الزيت، الغاز، التعدين، والتكرير». وهكذا، فالحديث عن كتلة مهمة من الاقتصاد السعودي، لعلها الأهم في تحقيق تطلعات التنويع الاقتصادي. كيف نجعل تلك المنشآت، القديم منها والمستجد، تسهم في تنويع الاقتصاد؟ حتى هذه اللحظة، لا توجد إجابة محددة، من نوع التحديد الذي نراه في برامج ”رؤية 2030“.

استباقا للسؤال أقول، إن المنشآت العائلية تتقاطع، لكنها تختلف عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة. النظام الأساسي للحكم يقول، إن الأسرة هي نواة المجتمع السعودي. ويتضح مما تقدم أنها كذلك نواة ومرتكز أساس للاقتصاد السعودي. هل بوسعها أن تضاعف مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي؟ بالتأكيد. هل لذلك مستهدف في ”رؤية 2030“؟ لا. السؤال: لماذا؟ ولماذا لا تمكن؟، حتى تسهم في أن يحقق اقتصادنا المرتبة ال13 بحلول 2030.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى