آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 6:58 ص

ليس هكذا

هناك من التصرفات التربوية الخاطئة التي يرتكبها الوالدان في حق أبنائهم، مما يؤثر سلبا على شخصياتهم فيصيبها بالضعف والاضطراب والقلق، وبالتأكيد أن هذه التصرفات والسلوكيات لا تصدر على وجه التعمد والضرر بأولادهم، وإنما هي ناتجة عن عدم معرفة مخاطرها وتأثيراتها الخطيرة مستقبلا على طريقة تفكير الأبناء والجانب النفسي لهم، ولذا نحتاج إلى تكريس المفاهيم التربوية ونشرها كثقافة نتسلح بها في طريقة تعاملنا مع الأبناء، وذلك لمساعدتهم على بناء شخصياتهم وفق مبدأ الثقة بالنفس والطموح والعمل المثابر لضمان الوصول إلى الأهداف التي يعملون من أجل تحقيقها، وبناء جوانب شخصياتهم الاجتماعية والعاطفية والمهارية على أعلى مستويات الإيجابية والحيوية.

ولابد من التركيز على مفهوم الأخطاء التربوية التي يرتكبها الوالدان في تعاملهم مع الأبناء، والتي يمكنها أن تؤدي إلى إخفاق لا على المستوى الدراسي فقط، بل ينسحب الأمر إلى مختلف جوانب شخصياتهم.

ومن ذلك سعي الوالدين - بدافع مساعدة أبنائهم - على حل وتجاوز ما يعانون منه من مشكلة أو عراقيل بنحو مستمر، وهذا التصرف يخلق في نفسية الطفل ضعف الثقة بالنفس وترسخ سلوك التهرب من المسئولية والتسلح بالاتكالية، كما أنه ينظر دوما بعين سوداوية للحياة المستقبلية متى ما صادفته المشاكل والهموم، فهل يرغب الوالدان أن يريا أبنائهما بمثل هذه الصورة غير المرغوبة بسبب هذا التصرف؟

المساعدة التي تقدم للابن حينما يواجه مشكلة هي مساعدته على ترتيب نفسه المبعثرة وفكره المشتت، وتعويده على التفكير الإيجابي والبحث عن الاحتمالات للمخارج والحلول الممكنة والمناسبة، مع تحمله مسئولية وتبعات الحلول وقيامه بنفسه بالعمل التدريجي والمرحلي حتى يتجاوز المشكلة.

وردات فعلنا العنيفة تجاه أخطائه وتقصيره لن تكون عامل ردع توقف هفواته وزلاته، بل ستقوده إلى التخلص من تبعات أي مطب يقع فيه، من خلال اختلاق الأعذار الوهمية واستعمال الكذب الذي يخلصه من أي عقوبة، فهل نرغب يوما في نسج خيوط الكذب والخداع في تعاملات أبنائنا؟

توقع صدور الخطأ منهم أمر طبيعي مهما كانت قوة التوجيهات التي تقدم لهم، ولذا فإن ردات الفعل الهادئة تجنبنا لغة التعنيف والصراخ الذي لا طائل منه، ونبدأ في تبيان الخطأ أو التقصير والتنبيه عليه ليتجنب الوقوع فيه مستقبلا، فالصراخ في وجهه لن يأتي إلا بنتائج عكسية حيث سيفقد سور الأمان الأسري وثقته بنفسه.

ويرغب بعض الآباء والأمهات في تشجيع أبنائهم وحثهم على التفوق الدراسي واكتساب المهارات اللازمة، وذلك من خلال عقد المقارنات مع أقرانهم وتبجيل الغير وصب آيات الثناء عليه، والحقيقة أن هذا التصرف يصيبه بالإحباط بالغيرة المفرطة تجاههم، كما ينبت في قلبه الحسد وروح الكراهية للغير كلما رأى من أحدهم نجاحا وإنجازا جديدا.

والصحيح أن نعزز ثقته بنفسه والاهتمام بتنمية قدراته وملكاته الخاصة دون عقد مقارنة بأحد، إذ هناك فروق فردية في الجوانب الشخصية لكل واحد تختلف عن الآخر مهما بذلنا من جهد كآباء وأمهات، وهذا لا يعني ترك تشجيعه ومساندته لبلوغ الأهداف المتوخاة، ولكنها القناعة ببلوغ السقف الخاص بإنجازات كل واحد منهم.

وفي بعض المحطات يضطر أحد الوالدين إلى تقديم وعود وهمية لأبنائه من أجل كسب رضاهم وحثهم على المذاكرة والتعامل الخلوق مع الآخرين، ومع غلبة الظن عندهم بأنهم لا يفون بذلك الوعد ومع ذلك يقدمون على هذا التصرف المؤثر سلبا على شخصيات أبنائهم، إذ أنه يعد منطلقا للتخلص من أي موقف محرج بقطع وعد وهمي وهذا ما يدخلهم في دائرة بيع الكلام فقط.

وأخيرا نؤكد على حث الأبناء على تنمية قدراتهم والإيمان بمستقبل باهر يرسمونه بريشة هممهم وتطلعاتهم، إذ أن الوالدين إذا لم يؤمنا بقدرات وطاقات أبنائهم فسيكون لذلك مردود سلبي عليهم.