آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

فائدة لغوية «12»: ”القَلس“

الدكتور أحمد فتح الله *

قد تسأل أم ترضع عما يخرج من فم رضيعها أو رضيعتها، خاصة بعض الرضاعة، أو عن المقصود من كلمة ”قلس“ المجودة على عبوة حليب الرُّضَّع. هذه طلة سريعة على بعض خصائص هذه المفردة ومعجم أخواتها، مع فوائد سائغة منها.

الَقَلس: مِنْ قَلَسَ قَلْسًا وقَلَسَانًا، وجمعها أَقْلَاس، وقُلُوس.

قَلَسَتْ نفسُه: غَثَتْ. [1] 

قَلَسَ الرَّجُل: خرج من بطنه طعامٌ أَو شرابٌ مِلءَ الفم أَو دونَهُ وليس بقيء.

فالقلس من الفيض، والإخراج «القذف»، لذا تقول العرب:

قَلَسَتْ الإناءُ ونحوه: فاض

قَلَسَ البحرُ بالزَّبَد: قَذَف به

قَلَسَتْ الطعنةُ بالدَّم: أَخْرَجَتْهُ

قَلَسَتْ السَّحَابةُ النَّدَى: رَمَتْ به من غير مطرٍ شديد

قَلَسَتْ النَّحْلُ العَسَلَ: مَجَّتْه[2] 

القلس في الشعر


أبا حَسَنٍ ما زُرْتُكُم مَنْذُ سَنْبَةٍ
من الدَّهْرِ إلاّ والزُجاجَةُ تَقْلِسُ

«أَبوالجَرّاح قالها في أَبي الحَسَن الكِسائيّ»

منْ دُونهَا الطَّيْرُ ومنْ فَوْقِهَا
هَفَاهِفُ الرِّيحِ كجُثِّ القَلِيسْ

«الأَفْوَه الأَوْديّ، القليس: العسل والنحل»

إِن كُنْت مِنْ دائِك ذَا أَقْلاسِ
فاسْتَسْقِيَنْ بِثَمر القَسْقاسِ «رُؤْبَة»

تَبَسَّمْنَ عن غرٍّ كأنَّ رُضَابَها
نَدى الرَّمْلِ مَجَّتْهُ العِهادُ القَوالِسُ

«ذو الرُّمَّة، والقوالس، السُّحُب تقلس الندى إذا رمت به من غير مطر شديد «كما ذكر آنفًا».

القلس في الاصطلاح الفقهي

القَلْس: «بفتح القاف وسكون اللام» هو الإقياء ملء الفم، أمَّا القَلَس «بفتح القاف واللام» فهو ”ما خرج من الحلق، وليس بقيء“ «معجم ألفاظ الفقه الجعفري»، أي هو ما يخرج من الفم بالقيء. والقَيْء: مِنْ قاءَ يَقِيء، قِئْ، قيْئًا، فهو قاءٍ، هو ”ما يفرغه الإنسان مِن فمه من المواد المجتمعة في المعدة“ «نفس المصدر»، أي هو ما قذفته المعدة عن طريق الفم. ويَرِد مُصطَلح «قلس» في الفقه في عِدَّة مواطِن، على سبيل المثال، الطَّهارة، الصَّلاة، الصِّيام، وغير ذلك مِن الكتب وأبوابها.

القلس في الحديث

جاء في الرواية عن أهل البيت ورود هذه المفردة. فقد سأل زرارة بن أعين أبا جعفر وأبا عبد الله «عليهما السلام» عما ينقض الوضوء فقالا: «ما خرج من طرفيك الأسفلين الذكر والدبر من غائط أو بول أو مني أو ريح، والنوم حتى يذهب العقل. ولا ينقض الوضوء ما سوى ذلك من القئ والقلس والرعاف والحجامة» «مَنْ لا يحضره الفقيه، ج1، باب ما ينقض الوضوء، ص 61، حديث 137» [3] .

القلس في الطب

القلس «Regurgitation»٬ [4]  هو عملية تقيؤ طوعية، تقوم بها أجسام بعض الكائنات الحية، إمَّا لطرح غذاء زائد، كما يفعل الرضع عند شرب كميات زائدة من الحليب، أو لطرح وتقيؤ طعام يصعب على المعدة هضمه[5] .

[1]  الغثيان هو شعور يسبق التقيؤ، وهو أن يشعر الشخص بأنه يريد أن يتقيئ وقد يكون مسبوقًا بالتعرق وانخفاض ضغط الدم وازدياد في إفرازات اللعاب.

[2]  لِلْقَلس معانٍ إضافية على الأصلية، على سبيل المثال، قَلَسَ فلانٌ قَلْسًا: أَكثر من شُرْب النبيذ، قَلَسَ: رَقَصَ في غناء، وقَلَسَ: غَنَّى غِنَاءً جَيِّدًا، فعليه، القلس هو صوت المغني مع الرقص. «تطلب هي وغيرها في المعاجم العربية».

[3]  وقد روي: «القلس حدث» «أساس البلاغة، أبوالقاسم الزمخشري»، كما رويت أحاديث أخرى عن النبي الأكرم ﷺ بهذا المعنى، فعليه ”استحباب الوضوء من خروج القيء“ عند الإمام أحمد بن حنبل «رحمه الله»، استنادًا لحديث: عن ثوبان عن الرسول صلى الله عليه]وآله[وسلم قال: ”إذا قَلَسَ أحدكم فليتوضأ“، بينما يرى بعض العلماء «المعاصرين» إن القيء لا ينقض الوضوء وكذلك الإمام مالك «رحمه الله». «انظر: موقع إسلام ويب - مركز الفتوى، رقم الفتوى: 55901، تاريخ النشر: الأحد 9 شوال 1424 هـ ، 21 -11-2004م».

[4]  ”القلس“ يعرف أيضًا ب ”القشط“ عند البعض، و”الاجترار“ و”الارتجاع“، بينما ”الترجيع“ و”الاستفراغ“ هما من المفردات التي تقال في موضوع القيء والتَقيؤ أيضًا.

[5]  ”القلس“ قد يكون إحدى علامات ”مرض ارتجاع المريء“ عند الكبار. «انظر ”ارتجاع المريء“ في ويكيبيديا». ولمزيد من المعلومات عن القلس عند الرُّضَّع والحالات المشابهة ومفرداتها يرجع إلى مقال: ”القلس عند الرُّضَّع..أسبابه وطرق علاجه“ على هذا الرابط: القلس - عند - الرضع - أسبابه - وطرق - علاجه/2016/01/11/http://albaathmedia.sy
تاروت - القطيف