آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

قالوا نسيت؟!

موسى الخضراوي

إلى نصفي الآخر المدفون تحت الثرى أخي الأكبر «أبو علوي» أقدّم هذا النبض راجياً منه القبول.


 قالوا نسيت؟!  

قالوا نسيتَ؟! فقلتُ الحبُّ ذاكرتي 
أواهُ هل يعتري العُشاقَ نسيانُ؟! 

وهل تُعيدُ لنا الأحبابَ لهفتُنا 
وهل يُبرِّدُ مِني الشَّوقَ بركانُ؟! 

وهل تُعيدُ لنا الأيامُ ما أخذتْ؟! 
أواهُ لو تُرجعُ الأحبابَ أشجانُ

جفني وجمر الهوى روحانِ من لهبٍ
كم يُلهبُ الجفنَ والأحشاءَ هجرانُ؟! 

كان الصلاةَ إلى روحي ومعبدَها 
إني بأنفاسِهِ رَوحُ وريحانُ 

ينامُ في مقلتي ليلاً وأَحضنُهُ
كانَّهُ (العودُ) في الآذانِ ألحانُ 

وبين جفنيه أحيا العمرَ مُنتشياً 
ما أطيبَ العيشَ إن غطّتْك أجفانُ! 

كان السميرَ إلى قلبي ومُلهِمَهُ 
ما أجمل الليلَ إن ضمّتكَ أحضانُ 

يُحيطُني بالهوى في كلِّ مُعترَكٍ
كأنّه الماءَ والأشواقُ بستانُ 

إذا نظمتُ بياناً هامَ في طرَبِ
كأنَّ حرفي نبيذٌ وهو سكرانُ 

وكم تقاسمتِ الرُّوحينِ بهجتُنا 
كما تقاسَمتِ الرُّوحينِ أحزانُ 

وكنتُ أقرؤهُ صمتاً بلا كلِمٍ 
وكانَ يقرؤني، والصمتُ قرآنُ 

وكان يُطعمني حُبّاً وتربيةً 
وكان يحرسني، والقلبُ ولهانُ 

وكنتُ فارسَهَ دون الورى مَلَكاً 
كم أشعلَ النارَ في الميدانِ فرسانُ 

وما تراءى له إلايَ من بشَرٍ 
كأنني البحرُ والباقونَ غدرانُ 

وكنتُ في عينِهِ مرسىً وساليةً 
كم تشعلُ النبضَ للعشاقِ شطآن! 

وكانَ يحسبني ظلَّلاً يلوذ به
فكم تحنَّ إلى الأعشاشِ أغصانُ 

وكنتُ بوصلةَ الأفكارِ إنْ عصفَتُ 
كم للهوى وبحارِ التيهِ رُبانُ! 

وكنتُ أحسبُهُ دونَ الورى وطناً
أقسمتُ بالشوقِ إنَّ الحبَّ أوطانُ 

وكان يسكنني حُبّاً وأسكُنُه 
الروحُ واحدةٌ، والجسمُ صِنوانُ 

ما كنتُ أحسبُ أن البينَ مُفترِسٌ
وأن زهرَ الربى أفناهُ ثعبانُ 

وأن ريمَ الفلا يغتالُها عَثَرٌ
وكيفَ تُرمى إلى الذئبانِ غزلانُ؟ 

وكيف ضاقت بنا الدنيا وما رحُبَت؟ 
وكيفَ تُدفنُ في التربانِ تِيجانُ؟ 

يا ليتني مُتُّ قبلَ الموتِ يعصره
كم ضيّع الناسَ أحلامٌ وحسبانُ