آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

السلالة الجديدة

محمد أحمد التاروتي *

أحدثت اخبار اكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا ”كوفيد 20“، صدمة كبرى على المستوى العالمي، لاسيما وان الاكتشاف يأتي على خلفية الامال المتعلقة بانفراج الجائحة المستمرة منذ أواخر 2019، مما يعطي انطباعات سلبية بدخول البشرية في موجة جديدة من الاغلاق، واستمرارية الإجراءات الصارمة، للحيلولة من عودة الاف الضحايا لتصدر الاخبار على المستوى العالمي.

الفيروس المتحور الجديد يشكل خطورة كبرى، نظرا لقدرته الفائقة على الانتشار، وتجاوز الحدود الجغرافية، حيث سجلت إصابات عديدة في بعض البلدان الأوروبية، مما يمهد الطريق لانتقال العدوى، في الكثير من الدول العالمية، الامر الذي يضع المنظومة الصحية في غالبية الدول في تحدي جديد، لاسيما وان عمليات التطعيم باللقاح الجديد لم تنتشر على نطاق واسع، مما يرفع من مؤشر الإصابة بالفيروس الجديد.

الإجراءات الاحترازية المتخذة لدى الكثير من الدول، والعمل على اغلاق حدودها، لحماية المواطنين من الفيروس الجديد، احدى الخطوات الأساسية للسيطرة على الوضع، وعدم التعاطي بالتهاون مع الفيروس القاتل، لاسيما وان الحكومات العالمية استفادت من تجربة ”كوفيد 19“، فالتراخي وعدم المبالاة لدى بعض الحكومات العالمية آنذاك، انعكس سلبيا على ارتفاع عدد الوفيات، وكذلك زيادة الإصابة بالمرض، فضلا عن خروج الأمور عن السيطرة، وفقدان القطاع الصحي القدرة على استيعاب الاعداد الكبيرة من الإصابة، وبالتالي فان التعامل بحزم مع الفيروس المتحور، يشكل الخيار الأمثل، للإبقاء على الأمور تحت السيطرة.

التجربة العالمية في التعامل مع ”كوفيد 19“، تمثل رصيدا مثاليا في انتهاج الوسائل، والطرق المناسبة، للتعاطي مع السلالة الجديدة من فيروس كورونا، الامر الذي يقود لحالة من التوازن والاستقرار اتخاذ الإجراءات المناسبة، بهدف التقليل من حجم الخسائر البشرية، ومحاولة وضع الأمور في المسارات السليمة، نظرا لوجود خبرات متراكمة لدى الحكومات جراء الويلات، التي تركها ”كوفيد 19“، على الصعيد الاجتماعي، سواء نتيجة ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس، او بسبب زيادة اعداد الضحايا.

الصدمة الجديدة لاكتشاف السلالة الجديدة من فيروس كورونا، ليست مفاجئة للأطباء، لاسيما وان الفيروسات تمتلك القدرة على التحور السريع، لاكتساب المناعة ضد اللقاحات، بيد انها شكلت صدمة كبرى للبشرية، خصوصا وان الفيروس الجديد سيعيد الذاكرة للايام العصيبة، التي عاشتها الكثير من الشعوب خلال الأشهر الماضية، سواء على الصعيد الصحي او المعيشي او الاجتماعي او النفسي، فالماكنة الإعلامية الساعية لبث الثقافة الصحية في النفوس، ساهمت في ادخال الرعب في النفوس، وخلق هلع كبير لدى بعض الشرائح الاجتماعية.

التطمينات الصادرة من الجهات الصحية، بعدم تهويل الأمور، والتعامل بعقلانية، مع اكتشاف حالات جديدة من ”كوفيد 20“، ليست قادرة على تهدئة النفوس بشكل سريع، لدى بعض الفئات البشرية، نظرا لارتباط الفيروس بذكريات ومآسي اليمة على الصعيد الاسري، مما يدفعها لاعلان حالة الطوارئ القصوى، لتفادي العودة للمربع الأول الذي كابدته تلك الفئات مع الفيروس القاتل، وبالتالي فان عودة الاستقرار النفسي لدى بعض الفئات الاجتماعية، يتطلب بعض الوقت، قبل الخروج من هول الصدمة النفسية، المصاحبة لاكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا.

ستواجه الحكومات العالمية صعوبات حقيقية في المرحلة القادمة، لاسيما وان الفيروس الجديد سيؤثر على الاقتصاديات العالمية، جراء عمليات الاغلاق المستمر، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على الحركة التجارية الدولية، وتعرض الكثير من القطاعات لخسائر كبرى، الامر الذي يسهم في تسريح المزيد من العمالة، وفقدان مئات الالاف للوظائف، نتيجة الخسائر المتراكمة التي تتعرض لها الشركات، مما يجعل الأمور اكثر صعوبة على الحكومات، في إيجاد الحلول المناسبة لانعاش اقتصادياتها الوطنية، للحيلولة دون تسريح الموظفين في مختلف القطاعات الاقتصادية.

كاتب صحفي