آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:02 م

كم شخصًا تركتَ له سُلَّمًا؟

المهندس هلال حسن الوحيد *

في آخرِ يومٍ من هذه السنة - 2020م - رغبتُ أن أسألَ نفسي ومن يقرأ سؤالًا واحدًا: كم شخصًا تركت له سلَّمًا في هذه السنة؟

حقًّا، طوبى وغبطة وسعادة وخير دائم ومفخرة لمن أعانَ وترك السَّلالمَ لغيره، فهي كلما كثرت كانت دليلًا على صحة وعافيةِ ونضج المجتمع. وفي هذه السنة كانت حفر الحياة ومطباتها ومنزلقاتِها الخطيرة لا تعدّ، لكن في كلِّ مكان في العالم اجتازها أبناءُ آدم بطريقةٍ أو أخرى - ومنهم نحن - فثمة مشاريع كثيرةٌ تحتاج إلى تعاون عام، ولا تحتملها طاقةُ فرد، مهما كان دوره وقوته.

من أنبلِ الصفات التي يمكن أن يحملها إنسان هي أن يعطي ثقته وجهده أو ماله، ويسمح لمن حوله بالنموّ والتطور والإبداع، أستطيع أن أقول هم كثيرون في كلِّ مكانٍ وزمان من يملكون هذه الصفة والمهارة ويملكون البعدَ عن الحبِّ المفرط  للذات. ندعو الله أن يزدادوا كثرةً في كلِّ المجتمعات والحضارات. 

أن تترك السُّلَّمَ في الأسفل، يعني أنك إذا ارتقيتَ في منصب فإنك في لحظةٍ ما احتجت واستخدمت سُلَّمًا ذاتي أو خارجي - وكلها من فضل الله - ومن المرجح أنه كان لك نصيب من العونِ والمساعدة من شخصٍ آخر فارتقيت. ومن ثَمَّ أنت يلزمك، أخلاقيًّا، أن تعينَ غيرك في الصعودِ والارتقاء ولا تحرمه من السُّلَّم الذي ارتقيتَه. فإذا كنت غنيًّا وغيرك محتاجًا فأنت تملك سُلَّمَ المال، وإن كنت قادرًا وكان غيرك يحتاج عونًا فأنت تملك سُلَّمَ القوةِ والطاقة. وإن احتاجَ غيرك مواساةً عاطفية فأنت تملك أفضلَ سُلَّمٍ وهو الرحمة والإنسانية.

في ثقافتنا أحبَّ لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لنفسك. وهي وصيةٌ حاويةٌ لكل سلالم الرقي التي يمكن لإنسانٍ أن يحتاجها، في العمل، في المدرسة، في المجتمع، وهكذا دواليك. حتى أنك تعينه بنفسك ومالك، فلا تشبع ويجوع، أو تلبس ويعرى. صفاتٌ خَرَجَ منها وبانَ في هذه السنة ما كان مستترًا في الكثيرِ من أزمات المجتمع.

خلاصة الفكرة، أنَّ المجتمع يرتقي كلُّهُ حين تتجمّع فيه الطاقات، وتتضافر فيه الجهود، ويضع أفرادهُ السَّلالمَ تحت أقدام بعضهم. وهكذا كان مجتمعنا في هذه السنة حيث أصبحت الحياةُ فيه ساحةً تعاون الجميعُ فيها على البرِّ والتَّقوى، بعيدًا عن الروحِ الفردية والتِّيه الذاتي.

مستشار أعلى هندسة بترول