آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

إثارة البدايات وقلق النهايات

سوزان آل حمود *

‏سعيدة جدًا لأني منغمسه بذاتي وتفاصيلي ولا غير ذلك،

الحمدُ لله كثيرًا، نعمة الانشغال بالذات وكونيِ ممتنة لكُل ما أعيشه لهدوئي الداخلي، لشعوري بالدهشة في أبسط الأمور لُكل الحُب الي أحسه والناس اللطيفة وكلُ شيء صادق نحوي وإن قلّ فالحمد لله بدايتي موفقة.

‏فإذا كانَت البدايات وحدها جميلة، دعنا نبدأ مجددًا، دعنا نبدأ مرارًا وتكرارًا، دعنا لا ننتهي أبدًا، دعنا لا نتوسط ولا نتعمق ولا نمل فننتهي، دعنا نبدأ ثُم ننسى اننا بدأنا ونعيد البداية، وننسى إلى اللا نهاية.

البدايات زاكية بداية اليوم، بداية المرحلة، بداية العمل، بداية الحب، بداية الدراسة، بداية الرحلة،،، بداية كل شيء.

البدايات دائماً تمثل المثالية والنزاهة.

الحب والصدق والكمال ولأن البدايات زكاء فلنجعل النهايات أزكى وأوفى وأجمل..

لماذا لا نحسن صنعاً في كل نهاية؟؟ لماذا الإحسان مقترن بالبدايات

لماذا دائماً حين نريد اتخاذ قرار نرسله إلى البداية..

غداً سأبدأ،، غداً سأكون.. الأحد نبدأ

لِمَ يكن الآن؟؟

لدينا عقدة اسمها التسويف متى نتخلص منها؟؟ لننعم بجمال البداية فيصبح لدينا جمال البداية والمنتصف والنهاية، لنجعل البداية أكبر محفز لنا وأكبر انطلاقة للنهاية.

نحن غالباً ما نعشق البدايات، لأنها تحمل من الإثارة والتشويق ما يستحق أن نعيشه، ونكره النهايات عادة، لأنها تحمل من الشجن ما يجعلنا نشعر بأن حقبة من أعمارنا قد انقضت لن تعود حتماً، حتى لو تركت في مخزون ذاكرتنا ذكريات جميلة نضعها في خانة الأوقات السعيدة، التي يتشكل منها ما نعتقد أنه الحياة التي نريد أن نعيشها، أوعشناها فعلاً، ونتمنى أن تستمر على الوتيرة نفسها، أو أن تكون أفضل مما عشناه.

في تاريخ الأدب الروائي تظل البدايات والنهايات مغرية للكُتّاب والأدباء، ليس من جهة مسار الأحداث في رواياتهم فقط، وإنما من جهة اختيار عناوينها أيضاً، وربما لهذا السبب اختار الروائي المصري العالمي نجيب محفوظ اسم «بداية ونهاية»

لروايته الشهيرة، التي نُشِرت عام 1949، وتحولت عام 1960 إلى فيلم سينمائي من إخراج صلاح أبو سيف، نزار قباني رغم كل البدايات الجميلة التي مرت به وعانقته نشوتها، لم يجد في آخر أيامه رفيقا له، سوى النهاية الشوهاء، فراح يردد حزينا مكتئبا:

«لم يبق شيء في يدي، هربتعصافير الطفولة من يدي، هربت حبيباتي، وذاكرتي، وأقلامي وأوراقي، لم يبق عندي ما أقول، يبست شرايين القصيدة، وانتهى العمر الجميل».

فالحياة رواية جميلة عليك قراءتها حتى النهاية، لاتتوقف أبدا عند سطر حزين، قد تكون النهاية جميلة

ختامًا

أسال نفسك: لماذا نُفكر دائمًا في نهايات الأشياء رغم أننا نعيش بدايتها!!؟ هل لأنناشُعوب تعشق أحزانها؟ أم لأننا من كثرة ما اعتدنا من الخوف أصبحنا نخاف على كل شيء، ومن أي شيء! حتى أوقات سعادتنا نخشى عليها من النهاية، كل بداية جميلة نهايتها جميلة.