آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:08 ص

بايدن وحلم لوثر كينج

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

كذا شاءت الأقدار أن تتزامن مغادرة سيد البيت الأبيض وقدوم سيد جديد بالاحتفال السنوي الذي تقيمه الولايات المتحدة الأمريكية بذكرى ولادة مارتن لوثر كينج، الذي يعد أحد أبرز وجوه حركة الحقوق المدنية في البلاد، والشخصية الأكثر تأثيرًا في تاريخ مقاومة ومناهضة العنصرية ضد أصحاب البشرة السوداء في أمريكا، وسعى لإلغاء التمييز العنصري واستطاع بأساليبه السلمية أن يقاوم الظلم الذي كان سائدًا في بلاده حينذاك، ويسهم في تغيير وجه الولايات المتحدة، وحصل حينها على جائزة نوبل للسلام وهو في سن صغيرة.

ولد مارتن لوثر كينج في 15 يناير عام 1929 في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا، ودخل المدارس العامة في سنة 1935، ومنها إلى مدرسة المعمل الخاص بجامعة أتلانتا ثم التحق بمدرسة بوكر واشنطن، وحصل على شهادة في علم الاجتماع عام 1948 من كلية موريهوس وتلقى الدروس في معهد الليبرالية في بنسلفانيا. كان متفوقًا في دراساته، وكان الأول على دفعته في عام 1951، وانتُخب رئيس هيئة الطلاب، كما حصل على منحة للدراسات العليا، وحصل على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة واشنطن.

تم تخصيص يوم ولادة لوثر كنج عطلة رسمية في أمريكا تحمل اسم «كينج»، حيث بدأت حملة الدعوة لاعتماد هذا اليوم، بعد اغتياله في عام 1968، وقد واجهت اعتراضات رموز العنصرية، واتهامات له، حتى بعد اغتياله، بتهديد الأمن القومي، لكنها خسرت وباءت بالفشل، وقد تم عمل حملات حقوقية، صدح من خلالها المغني الشهير ستيفي وندر بأغنيته الأشهر «هابي بيرثداي»، وتم جمع 6 ملايين توقيع على أطول عريضة داعمة لقضية محددة في تاريخ أمركا، فتم إقرار القانون بأغلبية الكونجرس، ووقّع عليه الرئيس رونالد ريجان سنة 1983، ليصبح عطلة فدرالية.

تأثر كينج كثيرًا بالمقاوم الهندي غاندي، في عصيانه المدني والمقاومة غير العنيفة للفصل العنصري في جنوب الولايات المتحدة، إلا أن الاحتجاجات السلمية التي قادها غالبا ما قوبلت بالعنف.

لكن الصمود والالتزام بمبادئ السلم كان رد كينج وأتباعه على ذلك، ما أعطى زخمًا للحركة التي بدأت تزداد قوة.

لم يكن مارثن لوثر كنج ناشطًا حقوقيًا فحسب بل كان خطيبًا بارعًا ومفوهًا علمًا بأنه لم يتقلّد منصبًا رسميًا في حياته، وكان له العديد من المقولات التي سطرها التاريخ ومن أهمها الخطاب الذي ألقاه عند نٌصب لنكولن التذكاري وعبارة «لدي حلم» وهو من أكثر الخٌطب بلاغة في تاريخ العالم الغربي وتم اختياره كأهم الخطب الأمريكية في القرن الماضي واللافت أن جو بايدن عند تنصيبه استعان بكلمات للدكتور مارتن كينج، خلال رسالة كتبها على حسابه بموقع «تويتر»، قائلا: «إن الظلام لا يمكن أن يطرد الظلام وإن الكراهية لا يمكنها طرد الكراهية».

في الحقيقة إن وجود مارتن لوثر كينج في الوعي الأمريكي يمثّل عنصر قوة وإلهام وتوازن، وقد سطر أجمل رسائل الحب والتسامح.