آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

حين تغرق سفينة العائلة!

المهندس هلال حسن الوحيد *

كان في الزمن القديم كلُّ البحارة من الرجال، هم ربَابين السفن و”النَوَاخِذَة“ في البحر، شديدي البأس والقوة والطاقة على الشدائد من الأعمال، وتبقى النساء ربَابين في البيت وعندما يعود البحارةُ إلى بيوتهم تقول لهم النساء: أنتم ربَابين المنزل الآن، ونحن نُعينكم ونُقوّيكم، فكما في سفينة البحر ربّانٌ واحد، في المنزل ربّانٌ وقائدٌ واحد فقط لا غير.

ثم تخلى البحّار عن كونه ربّان المنزل، أو أُعفي بالقوة من قيادته، والآن سفن المنزل المرأة فيها ربّان، والولد فيها ربّان والبنت فيها ربّان، يقودونها كلهم حتى تصطدم السفينة بأحجارِ الشاطئ، فماذا بعد؟ عند أول صوت اصطدام يفزع الكل ويقفزون تاركين السفينة تغرق، ويقول كلهم: ليس *خطئي* وإنما هو خطأ الثاني، والثاني يقول خطأ الأول، وكلهم يسخر منها حين يرونها تغوص حطامًا نحو الطينِ في القاع.

كما كان البحّار في السفينة رجلًا صلبًا يعرف الطريق، فليكن في البرّ هو القائد القوي المُشير والهادي للطريق، وكما كان * ”نوخذة“ * في البحر يسمع كلامه البحّارة ويطيعوا أوامره، له الحق أن يحترمه الجميع في المنزل ويجعلوا منه قائدًا كذلك. ”كثرة الأيدي في الصلاحِ فساد“، فلا مجالَ للنيات في قيادةِ سفينة البحر أو سفينة العائلة فلابدّ لكليهما من قائدٍ واحد وقرارٍ واحد، يستريح القائد لبقية الجماعة واستشارتهم، وتبقى عليه مسؤولية الإبحار ويبقى له العون طول الرحلة.

فلانٌ ضعيف! لم هو ضعيف؟ لا يحترمونه! هل هو حقيقٌ بأن يكون ربانًا؟ فإن كان، فلم يتمرد عليه بقيةُ الطاقم والبحارة؟ أما وقد تمردوا عليه الآن في حين أعطاهم مساحةً واسعةً للتحرك بحرية في ما يؤكد لهم مكانتهم وموقعهم في السفينة، فليس الأمر للمزاج الذاتي والرغبة الطارئة في قيامهم بغصب دفة السفينة وتحطيمها، ليعودوا ويسلّموا الدفة له كلهم!

خذ دوركَ ومكانك، وخذي دوركِ ومكانك، فالله أراد لهذه السفينة أن تبحر من خلال المودّة والعاطفة الصحيحة الحميمة في شعورِ كلٍّ منكما تجاه الآخر، ومن خلال القيادة الحكيمة التي تعبّر عن وعي كلٍّ منكما لظروف الآخر في أحاسيسه وأفكاره وعلاقاته وتصرّفه معه.

مستشار أعلى هندسة بترول