آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

نورُ العلم بين الماضي والحاضر

المهندس هلال حسن الوحيد *

العلمُ نورٌ يقذفه اللهُ في قلبِ من يشاء! وإلا كيف يصير الغنيّ القادر على السفر وتأمين وسائل العيش أقلّ صبرًا على مشقةِ طلب العلم من بعض الفقراء واليتامى والمعدمين! حتى ظهر من الفقراء واليتامى النوابغ الكثير؟ فذلك الفقر المهلك الذي يُهلهل شخصية من يَعلق به ويسحقه سحقًا عنيفًا، نراه أحيانًا يطحن الفقيرَ ويخلق منه طينةً أرقى وأشد صبرًا في طلبِ المعالي.

من الرائع أن يتعلم ويبدع الغنيّ والقادر، لكن أن يجذبَ العلمُ فقيرًا إليه مثل النحل إلى الزهرة فهو مصداقٌ واضحٌ لاختيارٍ وتخطيطٍ مُسبق ومعدٌّ بإحكام يتبين منه استعداد المتلقي واستقباله للعلم والنور الذي سوف يُلقى في قلبه. أما من يغلق على نفسه نوافذ العلم بالتمرد والجهل، لا ينال من هذا النورِ حظَّا!

من يعمل بكدّه وصدق نيته يحصل له هذا النور ويصبح مثل الأرض الخصبة، لا تحتاج الكثير من الجهد لينمو فيها الزرع، ويعمل فيها الماء والمطر لتصبح صالحةً للزرع دون تعقيد، تنبت الزرع وتخرج الثمر الشهيّ. ومن يرتاح للجهل لا ينمو ولا يكبر في أرضه سوى شجر الحنظل.

أي صبرٍ ونور يضاهي ركوب عجاف الإبلِ ليالي وأيام من أجل الحصول على كتابٍ أو لقاء عالم؟ أو سهر الليالي الباردة على ضوء مصابيح المنافع العامة، أو الجوع من أجل شراء كتاب؟! إن لم يكن نورًا يقذفه اللهُ في قلوبِ من يشاء! فهل نعجب إذًا حين يُمدح العلم وصاحبه حتى قال الإمامُ عليّ بن أبي طالب :   ”العالم حيّ وإن كان ميتًا، الجاهل ميِّت وإن كان حيًّا“؟

لا ضياءَ دونَ وقود ولا مكسب دون تعب، وعدٌ بأن الجائزة الأكبر تتعلق بالعملِ الشاقّ والجاد. فرحم اللهُ ذلك الزمان الصعب، الآن كل المعارف في أيدينا وتحت أصابعنا ونشتكي من صعوبة ومشقة العلم!

لا سيما الشباب: العمرُ يأتي مرةً واحدة وبين أيدينا وفي منازلنا أفضل الكتب والعلماء والجامعات تنشر معارفها دون ثمن وفي أي وقت، فهل نعمة أكبر من هذه؟ دين، طبّ، فلسفة، هندسة، قدرات، وغيرها من المعارف الإنسانية، التي فتح اللهُ لكم بها آفاق المعرفة وقادَكم إليها أسرع وأسهل وأمتع من غيركم، جربوها واستضيئوا بها.

مستشار أعلى هندسة بترول