آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:14 م

حين حمدتُ الله - مشاهد من الحياة 1

المهندس هلال حسن الوحيد *

كانت درجة الحرارة في الساعة الخامسة صباح يوم أمس، التاسع من شهر شباط - فبراير، تقارب الثلاث عشرة درجة مئوية. ليس من المفترض أن نشعر كثيرًا ببرودتها، إلا أنَّ الرياح كانت تهب قوية، وبالتالي أحسستُ وكأنها دونَ العشر درجات مئوية.

في الطريق - المظلم بعض الشيء - سمعت همهمةً قرب سيارة أحد الجيران، فقلت لعلَّ أحدًا يعبث بها، لا سمح الله وهم نيام، فلما اقتربتُ منها أكثر رأيت شابًّا، مغطى وجهه ورأسه، يحمل سطلَ ماء ويغسل السيارة. وكانت دراجته قريبة منه فعلى ما يبدو لم تكن أول أو آخر سيارة يغسلها قبل طلوع الشمس!

حمدتُ الله كثيرًا لأن هذا الشاب من بين الملايين في وطنه والمليارات من البشر في العالم، حصل على فرصةٍ أفضل منهم، فمهما كانت الحالة سيئةً رأيتها أنا وغيري، هو يراها فرصة للخروج من عتبة ومأزق الفقر. وحمدتُ اللهَ لأنه جعل رزقي أسهل من غيري وأقرب من وطني وأهلي ولم يتعبني فيه. إذ لم أتخيل نفسي وأنا في الستينات من عمري غريبًا أو قادرًا على عملٍ مثل هذا في أي وقتٍ من أوقات السنة. مع أن هذا لم يكن لفضيلةٍ في ذاتي أو نقصٍ في ذوات غيري فاستحققت نيل هذه النعمة الجميلة!

قال بعضهم وقفت على كنيف - أكرمكم الله - وفي أسفله كنَّاف وهو ينشد:

وأكرم نفسي عن أمور كثيرة
ألا إن إكرامَ النفوسِ من العقلِ

وأبخل بالفضلِ المبينِ على الألى
رأيتهم لا يكرمونَ ذوي الفضلِ

وما شانني كنسُ الكنيفِ وإنَّما
يشينُ الفتى أن يَجتدي نائلَ النذلِ

وأقبح مما بي وقوفي مؤمِلًا
نوالَ فتى مثلي، وأيّ فتى مثلي!

وأنشد الأصمعي لبعضهم:

أقسم باللهِ لمصّ النوى
وشرب ماءِ القُلّبِ المالحَه

أحسن بالإنسانِ من ذلِّهِ
ومن سؤالِ الأوجهِ الكالحَه

فاستغن بالله تكن ذا غنى
مغتبطًا بالصفقةِ الرابحَه

طوبى لمن تصبح ميزانُهُ
يوم يلاقى ربَّه راجِحَة

إذًا، هو الشكر زينة الغنى، وكرامة العيش في الكسبِ الحلال.

مستشار أعلى هندسة بترول