آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 6:21 م

بروتوكولات الأخبار الحزينة

أثير السادة *

بين شرفة الموت وشرفة الأخبار مسافة قصيرة في هذه الأيام، ما إن يمضي إنسان إلى أمر ربه حتى ينتشر الخبر في الأرجاء، لم تعد الأخبار العاجلة حكرا على الأحداث والأسماء الكبيرة، هي الآن مأدبة مفتوحة للجميع، تطورت الوسائل بمثل ما تطور معها مزاج الناس، وفي شأن أخبار الموتى أصبح القسم دفترا للأنساب، يفرد كلما طوت صفحة واحد منا، فيه يتمدد الحزن في الأصلاب، فالميت فلان هو إبن فلان وأخو فلان، وخال فلان، وعم آخر، وهكذا حتى ينتهي خبر الوفاة إلى كروكي لشجرة عائلية مصغرة

وفي غمرة الحزن سيصبح أهل المتوفى هم باب هذه المعلومات غالباً، تسأل نفسك وأنت تقلب في أخبار الوفيات عن طرق جمع كل تلك التفاصيل، وعن الوقت والجهد الذي يستلزمه حتى يصبح مشهد الوداع فسحة معلوماتية للمتابعين في صحفنا الالكترونية.. أنا ممن تثيرهم هذه الدفاتر الغنية بالمعلومات، أتفحص المؤتلف والمختلف بين المواقع الالكترونية في طريقة رفع أخبار الموتى ونشرها على رؤوس الناس، وفي المسافة الزمنية بين صدروه في هذه الصحيفة وتلك.. لما يحمله من إشارات ودلالات على طبيعة المنافسة الإعلامية والتي امتدت إلى ساحات الموتى.

كل ذلك لا ضير منه، بل مفيد ومهم في توثيق ذاكرة الناس، وفي تقريب صور الموتى، غير أن الأمر ولاتصاله بعنوان الحزن يستوجب الحذر والتريث قبل الإقدام على طلب المعلومات من أهل الفقيد، من نسأل ومتى نسأل، هما السؤالان الملحان في هذا الركض الحزين لتدوين أخبار الميتين، لكي لا نقسو على قلوب الفاقدين في توقيت وشكل اتصالنا، فالمكلوم وهو لا يدرك كم من الدمع سيجري في مشهد الفقد، لا ينتظر أسئلة تحقيقية وتفصيلية تأخذه من عزلة الدمع، لعله نام باكرا ولم يدرك من الأخبار أسوأها، فلا ينبغي أن نكون سببا في صدمته ودفعه مرة واحدة في متاهات الحزن.

لكل حزن صف أول وصف ثان، فلا تربكوا أخا أو أبا أوإبنا في جمع هذه التفاصيل، هؤلاء حزنهم كثيف وثقيل، تخيروا وجوها من حدود العائلة أو الجيران أو الأصدقاء بوسعهم استيعاب الفقد ومعالجته، أحفادا كانوا أو أنسابا، حتى لا تربكوا للحزن شكله، وحتى تجدوا متسعا للحديث فيما تريدون.

سعيكم مشكور، وكلماتكم وأخباركم محل تقدير من القراء ومن ذوي المتوفين، فقط ضعوا حزن الفاقدين أمامكم قبل أن تقرروا ترتيب الكلمات وإجراء الاتصالات لجمع ما تيسر من معلومات.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
جوان
[ القطيف ]: 17 / 3 / 2021م - 2:51 ص
احسنت رحم الله والديك
الواحد محزون ما يقدر يتكلم وهم بس تحقيق عن المتوفي ونسبه وحسبه ياريت تصل كلماتك لأصحاب الشأن ليأخذوها بعين الإعتبار