آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 7:35 م

السعادة بمُعتقد فلكلوريّ

ليلى الزاهر *

أسهب الكثير من الكتّاب والباحثين في الحديث عن السعادة واسترسلوا في طرق اكتسابها، بينما اختصرت إحدى الأمهات مفهوم السعادة عندما كانت تدعو لابنتها فتقول: الله يسعدك يابنتي، أي: يرزقك الله الزوج الصالح!!

كثيرا ما يتردد هذا الدعاء على ألسنة الأمهات، حتى أصبح فُلْكُلُورا شعبيا يحكي أسطورة السعادة عند الأمهات.

«الله يسعدها» أيّ يرزقها الزوج الصالح

فهل الزوج الصالح مقياس سعادة الفتاة كما كانت الأمهات والجدّات تزعمن سابقًا؟

واستنادًا لمعتقد الأمهات ومزاعمهن الفُلْكُلُورية فإن نظرية فارس الأحلام الذي يمتطي جوادًا، ويحلق بفتاته عبر قارات العالم تكاد تكون صحيحة، بل تحمل صورة مُشرّفة للزوج في مجتمعنا الشرقي.

بلا شك سوف يأخذني هذا الحديث لأكثر من اتجاه، وسوف تُعزف أفكاري على ألف ناي، غير أنه لابدمن معانقة أرض الواقع بعيدا عن النظريات الصّماء لأن الحياة الزوجية لم تكن يوما مُقيدة بنظرية ورقية بل هي مُنجز إنساني ذو شأن عظيم في جميع المجتمعات.

غنيّ عن القول أن يكون هذا الارتباط الثنائي ارتباطًا لايؤثر في السلوك والتفكير فلا شك إن الشراكة القائمة بين الزوجين لاتُبنى بكثرة التّشدّق وإنما تمتلئ بصور التضحية والعمل المثمر من قبل الطرفين.

ومما يُدعم الرابطة الزوجية إشاعة الودّ والمحبة أمام الأولاد كي تنفذ وتسري الانطباعات الأسرية المتوازنة إلى حياتهم المستقبلية. وعندما تعترف المرأة بأن زوجها سر سعادتها أمام أبنائها لن يكون ذلك ضربا من ضروب الأحلام أو إحدى فنون الكذب فلو خُليت خربت، ومازال هناك الكثير منالأزواج الذين يستعذبون كلّ عمل شاق من أجل عائلتهم، ويكدحون بشدّة منذ سماعهم الصيحة الأولى لأول مولود لهم وهم أصناف عديدة.

والجميل أن نترك زوجاتهن يتحدثن عنهم لتعكس المرآة المجتمعية صورًا جميلة تُغاير النمطيّة المعهودة.

الزوج المرن:

زوجي يحترمني كثيرا ويُقدر جميع ظروفي في كل الأحوال، يقوم بإعداد الطعام في حال انشغالي بشؤون الأولاد، عالمه يمتلئ حركة ونشاطا بحسّ مسؤول، لابأس بالتجربة عنده لأيّ أمر من باب التعاون.

ويبدو الوضع لديه غير مربك عندما أخرج من المنزل برفقة صديقاتي، لأنه يُقدّر مدى احتياجي للترويح عن نفسي بين الحين والآخر؛ لذلك أقابله بالمثل فأصبر على شظف الحياة من أجله، وأتنازل عناقتناء بعض الأمور التي تعدّها صديقاتي ضرورة.

الزوج الخائف من الله:

يُشعرني بأنني أمانة في عنقه، يُغدق عليّ الكثير، وإذا أتعبتني الواجبات المنزلية قام بمساعدتي بنفسه، أو يقوم باقتناء أجهزة تُسهل عليّ مهامي اليومية، لأنه يخشى أن يكلفني فوق طاقتي، يتقبل عذري، وينكمش عنده ذنبي، تبدو من عينيه معالم الرأفة والشفقة، ولاينطق إلا بطيب الكلام وأحسنه، وتنعدم جميع التفسيرات الخاطئة عنده.

الزوج الصديق:

أعيش معه أحزاني العميقة وأفراحي الساذجة، يشعرني بالحماس وأنا أتحدث، يتمطى معي الحياة بكل تفاصيلها، نعيش سويّا ساعات البيض والسّود، يشاركني جميع هواياتي، يخلق أجواء السعادة خاصة عندما أكون حزينة فيمسك بيدي ويخرج معي لأحد المطاعم بحيث لاتتعدى مصروفاتنا إمكانياته المحدودة.

لايوجد ماأخجل منه ليطلع عليه والعكس بالنسبة له.

الزوج الكريم:

أشعر بأنني موظفة، تتقاضى راتبًا شهريّا

أمتلك ماتمتلكه صديقاتي الموظفات، بل أنا أفضلهن لأنني أشتري مايحلو لي بمال زوجي وليس بمالي.

يُتحفني زوجي بالهدايا الثمينة في كل مناسبة، أنا أسرد كل يوم فصول السعادة التي أعيشها بجانبه، ولايشعرني باستجداء السعادة لأنه يضعني ضمن حدودها.

إنّ من الأمور البديهية التي نؤمن بها ألا تخلو الحياة من زوج صالح يبعد عن صورة الشيطنة المرسومة لبعض الرجال بتأطيره داخل دائرة التّسلط واللامبالاة بمحاذاة المرأة الملائكية التي تتحمل مجونه ولعبه فلا يذوب جليد الخلافات بحضوره ولاتسقط ألاعيبه مهما طال به الأمد.

والجدير بالذكر حتمية استمرار الأجواء المكفهرة في الحياة الزوجية حتى يصل الزوجان لمرحلة النضج الكامل، وفي خضم الحياة لن ينسيا أن الأيام العصيبة خُلقت لتكون ذكرى في أيام الرخاء.

‏وفي مُعتقد من يُدلل مداركه : ‏لاتوجد عصور انحطاط تنهي الحياة إنما هي ولادة بعد مخاض تعسّرت رحلته.