آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

نحنُ والماء: ما هذا السَّرف يا سعد؟ - سلسلة خواطر متقاعد

يروى أن النبيّ محمَّد صلّى اللهُ عليهِ وآله مرَّ بسعد وهو يتوضَّأ فقال: «ما هذا السَّرف يا سعد؟.. قالَ أفي الوضوءِ سرف؟ قالَ نعم، وإن كنتَ على نهرٍ جار». وفي حديثٍ آخر: في الوضوءِ إسراف، وفي كلِّ شيء إسراف.

لنسأل: كم نسرف في استخدامِ الماء ونحن يقينًا لسنا على نهرٍ جار، بل على أرضٍ قاحلة تحتها مكامن صخريَّة لا تخزن من الماءِ الصَّالح للشرب والاستخدام البشريّ إلا القليل، هذا إن كانَ فيها ماء أصلًا؟!

لكلِّ من يزعم أنه يحافظ على الماء راقب كم جالونًا في اليوم يذهب هدرًا في بيتك، فقط في غسلِ يد، أو نظافة ماعون أو وضوء. وأكثر الهدر حين يتخيّل بعضنا أنه في بحيرةٍ جارية، فيملأ حوضَ السِّباحة، ليجد نفسه محشورًا في صندوقٍ ضيِّق. وكلَّما كبرت العائلة تضاعفت هذه الكمِّيات المهدورة من المياه الواصلة للمنزل عبر الأنابيب والقنانيّ وغيرها من وسائل جلبِ الماء المكلفة ماديًّا والمضنية جسديًّا!

من طبيعة السَّوائل، والثَّروات تحتَ الأرض - بأنواعها - أنها توجد بكمِّياتٍ محسوبة، تنتهي وتتلاشى مع استخدامها ما لم تتجدَّد ويُعوَّض مخزونها، وهذا هو حالُ الماءِ عندنا، ولهذا نحن نعتمد على ماءٍ معالج، إذْ بدونه ليسَ بالامكان العيش في هذا الجزءِ من العالم!

فإذا كان سؤال النبيّ محمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وآله عن السَّرف في الوضوء، فهو يصحّ أيضًا عن العجب من السَّرف والإسراف في كلِّ مورد نحتاج استخدامَ الماء فيه، من ريّ النَّبات المنزلي، وغسيل السَّيارة - أو السَّيارات - ومن ثمَّ في كلِّ شيء في حياتنا اليوميَّة!

راقب يومًا أو يومين وسوفَ ترى عشرَ حالات يمكنك فيها أن تقلِّل من هدرِ الماء، وكسبَ الثَّواب، وربَّما توفير بعض المال. هذه القطرات تكفي لتكونَ نهرًا جار!

مستشار أعلى هندسة بترول