آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:17 م

قراءة في رواية «بسطة حسن»

هدى الشاعر *

بسطة حسن

  • بسطة حسن
  • رواية للناشئة، تأليف د. فاطمة أنور اللواتي
  • الرسومات الداخلية في الكتاب للفنان عباس راضي
  • لوحة الغلاف للفنانة أمال سمير

لم يكن حسن يعرف إلى أين يقودهم الأستاذ ”علي“ - أستاذ اللغة العربية - في طابور طويل هو وزملائه في الصف السادس، في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، لكنهم بكل الأحوال غمرتهم السعادة بإعفائهم من الدرس..

وكانت تلك المرة الأولى التي يرى فيها حسن المكتبة المدرسية، إذ لم يكن في مدرستهم مكتبة، وتم إنشاء هذه المكتبة خلال إجازة الصيف في مبنى إضافي مجاور للمدرسة.

الدهشة التي تملكت حسن في ذلك اليوم جعلته يرسم لنفسه طريقه ومساره الذي مضى فيه خلال سنواته القادمة..

في ذلك اليوم عاد حسن إلى بيته، يحمل معه لأول مرة كتابا غير كتابه المدرسي..

يجلس حسن على بسطته كل يوم بعد المدرسة ليبيع لأولاد الحي ”الكنار“ و”البيذام“ اللذان يحصل عليهما من دكان الحي بسعر مخفض ليبيعهما بهامش ربح قليل، وكثيرا ما كان يتعرض للاستقواء من فتى يكبره قليلاً، يبيع نفس المنتجات على بسطة مقابلة..

الكثير من الأسئلة كانت تلح على حسن وتدفعه للبحث عن إجابة لها، حتى وإن تطلب ذلك أن يخوض المغامرة..

منها سبب استقواء ذلك الفتى عليه، وكيفية التخلص منه..

وكذلك حظيرة الجن، وهذا هو الاسم الذي يطلقه أهل البلدة على منطقة شجرية مليئة بأشجار الكنار والبيذام، فلم يكن أحد من الأولاد ممن هم في سنه يجرؤ على الاقتراب من هذه الحظيرة، بسبب تحذيرات الفتيان الأكبر سنا لهم من أن هذه المنطقة مسكونة بالجن!

لكنه في وقت من الأوقات وجد في نفسه رغبة ملحة لاكتشاف المنطقة، وحل لغزها..

تعلم حسن أن الكثير من الظواهر والأحداث، وحتى الأفكار التي تملأ عقول الكثير من الناس، ويتناقلونها دون تفكير وتمحيص، إنما تخفي وراءها شيئا مختلفا تماماً، غير ما هو شائع.. وربما يكون الأمر غاية في البساطة!

فالكلب الضال الذي هاجم احدى العنزات في حظيرة بيته وتسبب في موتها لم يكن وحشا أو شريرا كما يشيع الناس، لكنه جائع فقط، وما أن بدأ برعايته واطعامه حتى أصبح صديق ودود!

لماذا لم ينتبه أحد إلى ذلك، ولم يطعمه أحد من قبل؟

وحظيرة الجن هي مكان مأهول للفتية الكبار، يرتادونه ويقضون أوقاتهم بعيدا عن الأعين، ويجمعون الكنار والبيذام ولا يريدون لغيرهم أن يشاركهم فيه! لماذا لم يفكر أحد بدخولها طوال الفترة الماضية؟!

يفكك حسن الألغاز ويحلل الأفكار بينما يواصل البيع على بسطته، وتنمو وتتطور علاقته مع الكتب، لتتحقق رغبته في إنشاء مكتبته الخاصة، فيشتري الكتاب تلو الكتاب..

يواصل حسن الجلوس على بسطته لسنوات، لكنه لم يعد يبيع عليها البيذام، وإنما صار يبيع الكتب..

قدمت الكاتبة من خلال الرواية، وبطريقة عفوية وسلسة عددة قضايا، وعالجتها أيضاً بشكل سلس وعفوي.. لكن يبقى موضوع ”الجن“ هو القضية الأهم التي طرحتها الكاتبة بجرأة - خصوصاً في أدب الأطفال الموجه لمجتمعاتنا العربية والتي تعتبر موضوع الجن موضوع شائك ومعقد، وهناك الكثير من المعتقدات حوله، لكنها قدمت تفسير بسيط ومنطقي حول الفكرة.

الكتاب شيق وممتع لليافعين بعمر 10 - 14 سنة، يقع في 132 صفحة، صادر عن دار مياسين للنشر والتوزيع.

كاتبة ورسامة في مجال أدب الأطفال، مواليد سنة 1966، حاصلة على دبلوم الفن التشكيلي من معهد تدريب الفنون الجميلة/الأردن، بالإضافة إلى بكالوريوس في الدراسات الإسلامية من الجامعة الأردنية، وعضو في رابطة الفنانين التشكيليين الأردنية. عملت في مجال تدريس التربية الفنية ، وشاركت في عدة مشاريع بحثية وتأليف مناهج تعليمية، وكتب تعليمية وتربوية للأطفال .