آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

الحاجّ عبد الرحيم - سلسلة خواطر في أوانها

المهندس هلال حسن الوحيد *

عبد الرَّحيم شابّ هندي في أواخز العشرينات من العمر، واحد من ملايين الشَّباب في العالم، هو محظوظ أن حصلَ على فرصة عمل خارج ”ديرته“ ووطنه على ما يسمّيه. عمل في القصيم حوالي ثلاث سنوات ومعي حوالي ثلاث سنوات. لديه ثلاث أمنيات يريدها أن تتحقق قبل رجوعه نهائيا للهند، وكلها لها علاقة بالمال. هي بصراحة أمنيات بسيطة، وليس من المفترض أن يغتربَ شخص أو يركب الصَّعب لينالها، فلنر هذه الأمنيات:

الأولى: تزوج عبد الرّحيم وكان قبل الزواج يعيش مع والديه وأخوته. الآن يكافح أن يبني له بيتًا صغيرًا من الخشبِ والطوب، لكن أسعار المنازل كلما اقتربَ منها شبرًا ابتعدت عنه ميلا. وهو يصر أنه يستحق وسوف يحصل على بيتٍ له ولعائلته.

الثانية: ولدت زوجةُ عبد الرَّحيم بنتًا، وهو الآن فرح ومسرورٌ بها. مع أنه يحكي ما لا يُصَدَّق عن حبِّ النَّاس للصِّبيان الذكور في الهند، وتخوفهم من البنات حتى أن بعضهم يخالف القانون ويتعرف على جنسِ الحمل قبل الولادة، فإذا كان أنثى أجهضَ الحمل، كما يفعل أهل الجاهلية بالبنات. وهو مع فرحهِ بها إلا أنه سوف يزوجها - والبنات اللاتي قد يرزق بهنّ في المستقبل - ويدفع لأزواجهنّ مبالغ طائلة من أثاث منزل وأشياء غريبة جدًّا مثل الدرَّاجة النارية التي لابد من أن يحصل عليها زوج البنت من والدها.

الثالثة: وهي أجمل الأمنيات أن يحصل على لقب ”الحاج“. وهذا اللقب لارتفاع سعره وكلفته يأتي في آخرِ العمر، بعد الستِّين تقريبا. وفي كثير من الأحيان يموت من ينتظر الحجّ دون أن يحصلَ على هذا اللقب. ولهذا من يذهب للحج يرى حجَّاج بلاد الهند عادةً من كبار السِّن وضعفاء الجسد رجالًا ونساء.

ربما أمنية عبد الرَّحيم في هذا الزمن يشترك معه فيها جل البشر، فهذه كلفة الحياة اليوم كالطائر تطير من غصنٍ وتحطّ على غصنٍ أعلى، فلا يستطيع الضعفاء أن يصطادوها!

مستشار أعلى هندسة بترول