آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 11:39 م

أسعار الرطب تنعش ”النَّخلاوي“ - سلسلة خواطر في أوانها

شتَّان بين أسعار الرّطب الذي كان يبيعه والدي - رحمه الله - بأرخصِ الأثمان وحجم حبَّاته في ذلك الزَّمان وبين الذي يبيعه البَّاعة الذين كما أظن أنهم من البنغال على نواصي الشَّوارع وفي الأسواق. فقد صادف يوم أمس أن طمعت في رطب من النّوع ”الغراء“ في أوّل موسمه فوجدت البَّاعة يبيعون شرائح لعلّ الواحدة منها أقل من كيلوغرام بسعر يتراوح بين العشرين والخمسة وعشرين ريالا، وبصراحة استحييت أن اشتري واحدة.

بهذا السّعر هل يعود ”النَّخلاوي“ الذي كان النَّاس يذمون مهنته ويعتبرونها مهنة الفقراء، من الطبقة الاقتصاديَّة المحترمة؟ إن كان هو المستفيد الأول من هذا السّعر الجيد! وهل تستحق النَّخلة أن يُستثمر في دورتها كاملةً من الرُّطب والدِّبس والتَّمر، وبالتالي تزدهر زراعتها من جديد؟ يكون من الجيد لو نظر شبّان اليوم في هذا النوع من الاستثمار، خصوصًا أن طرق الزّراعة والعناية بشجرة النَّخلة تغيَّرت لما هو أسهل، وإن كان أكثر كلفة، كما تواجدت الآن المصانع التي تجهز وتحفظ الدِّبس والتَّمر استعدادًا لبيعه طوال أيَّام السَّنة.

في أوّل موسم الرطب تراودني أحلامُ الطفولة، يوم كان والدي ”النَّخلاوي“ يتسلق بخفَّة ورشاقة تلك النَّخيل الباسقات، وأنا وأخوتي نزاحمه وننطّ مثل الفراشات، نترقب وصولَ النِّساء من مناطقِ سنابس ودارين وغيرها من أحياءِ الجزيرة يملئنَ السّلال بالرّطب من كل الأنواع مقابل ريالاتٍ بسيطة آخر الموسم، فهاهو الرُّطب الآن لم يعد فاكهةَ الفقير كما كان!

المشكلة أننا لم نعد نعتبر النخلة صديقةً لنا، بل سلَّمنا ولايتها ورعايتها بكامل تفاصيلها للعمّال الأجانب، ونحن فقط من يأكل الرطب، ثم نشتكي إذا تغيَّر طعم وحجم الرطب وسعره. نرجو أن لا يكون فصل التَّسليم هو الفصل الأخير من مشهدِ حياةِ النخلة، وأن تكون هذه الأسعار باعثةَ انتعاشة وشدًّا للعزم والخروج من المصاعب لذلك ”النَّخلاوي“، أينما كان موجودا.

مستشار أعلى هندسة بترول