آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 5:36 م

هل نسينا أن عليًّا (ع) يحب البسمةَ أيضا؟ - سلسلة خواطر في أوانها

أصارحكم، أنَّه لا أحدَ في الكون يستطيع أن يقطعَ مشوارَ الحياة دون أن يتخفف من ثقل حمولةِ همّ الدّنيا وإن باعتدال، فهل يا ترى نحن في بيوتنا ممن يشيع البسمةَ والدُّعابة، أو ممن يسود صمتُ أهلِ المقابر عندما نكون حاضرين؟ أظن أن الصِّفة الأولى أقرب إلى طبيعةِ البشرِ الأسوياء والمؤمنين أيضا. وأنا لا أجد مكانًا في رأسي لصورةٍ لعليّ عليه السَّلام وهو مع فاطمة عليها السَّلام أو محمّد صلَّى اللهُ عليه وآله أو الخلَّص من الأحباء وهو مكفهرّ الوجه ومقطب الجبين!

عرفنا الإمامَ عليّ عليه السَّلام بصفاتٍ متميزة لا حصرَ لها، الشَّجاعة، الرِّيادة، الفصاحة، الكرم والسَّماحة، ويمكن للمرء أن يملأ صفحاتٍ من بديع صفاته. وغلبت الصّورة في أذهاننا له عليه السَّلام بأنه رجل السَّيف والجهاد والصَّرامة والحزم والعبادة، وقليلًا ما نذكر عليًّا عليه السَّلام في حبِّه للابتسامة، حتى نظن في بعضِ الأوقات أنّ لازمة شدَّة الإيمان وقوة المؤمن الحزم وغياب البسمة!

نعم، هو عليٌّ ذاته الذي نسينا سجاحةَ أخلاقه وبشرَ وجهه وطلاقةَ محيَّاه وبسمةَ ثغره الَّتي عابه بذلك من تحاربوا معه وقالوا عنه: إنه ذو دعابةٍ شديدة. وهو الذي قال عنه صاحبه صعصعة بن صوحان: كان فينا كأحدنا، لين جانب، وشدَّة تواضع، وسهولة قياد، وكنا نهابه مهابةَ الأسير المربوط للسيَّاف الواقف على رأسه.

لا ضيرَ إذًا حين تملأ البسمةُ وجوهنا، فالجهامة والعبوس والوجه الجهنميّ ليس دليلًا على كمالِ الصِّفات، وعلى كلِّ حالٍ هي الدّنيا تحتاج كفَّة من الحزمِ والصَّرامة وأخرى من اللِّين وشراحة الوجه، فهي التي قال عنها هو عليه السَّلام:

إِنما الدّنيا كظلٍّ زائلٍ
أو كضيفٍ بات ليلاً فارتحلْ

أو كطيفٍ قد يراهُ نائمٌ
أو كبرقٍ لاحَ في أفقِ الأملْ

فإذا عددنا الهدايا عناوين تكريمٍ ماديَّة، فإن الملاطفة و”تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة“، عناوين روحيَّة وخصالٌ حسنة توجب الثوابَ والرَّحمة. ومن المؤكد أن الرَّجل والمرأة في هذا العنوان على حدٍّ سواء.

مستشار أعلى هندسة بترول