آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 4:55 م

للخطباء والخطيبات: النَّحو في الكلام مثل الملحِ في الطَّعام!

قريبًا يهلّ هلال شهر محرم، وهذا موسم عطائكم وحصادكم، فعليكم بانتقاء الشِّعر الجيِّد الباعث على الدَّمعة، والحديث النَّافع، والله الله في اللّغةِ العربيَّة، فبها يكون الشِّعر أرقّ وأجمل والكلام أكمل، ومحقٌّ من قال: النَّحو في الكلام مثل الملحِ في الطَّعام.

هل جرَّبتم أن تأكلوا طعامًا دون ملح؟ هو كذلك، إذا كان الطعام لا يستساغ دون الملح، فالكَلام لا يستقيم دونَ النَّحو. ولأن من يرتجل الكلام مثل الخطباء والخطيبات يقع تحتَ ضغط قرارِ اللَّحظة، هل يرفع أو ينصب أو يجر؟ لذلك وجب المران وتقويم السَّليقة واللِّسان باستمرار. قواعد اللَّغة العربيَّة تحتاج إلى الفهمِ والتَّدريب والممارسة من أجل حفظها عن ظهرِ قلب، وبالتَّالي يستطيع المتحدِّث تجنب الأخطاء بشكلٍ جيِّد، وإن أخطأَ لا يخطأ في الأساسيَّات التي قد يلاحظها المستمع الذي يعرف أبسطَ قواعدِ النَّحو والإعراب.

ولأن الفتحة والضمَّة في اللّغة العربيَّة تغيِّر المعنى، يُروى في كتبِ الأدب الطرفة التالية: خرج رجلٌ نحويّ مع ابنه ذاتَ يوم، فقال الولدُ لأبيه: يا أبتِ عطشتَ، بفتح التَّاء. قال الأب: لا والله ما عطشتُ، والابن يردِّد: يا أبتِ عطشتَ، والأب يردّ بنفس الجواب، حتى ماتَ الولد من العطش، حينها فهم الأبُ مرادَ ابنه فقال: عشتَ ومتَّ ** ولم تعرف عطشتُ من عطشتَ.

واحدٌ من عامَّةِ النَّاس - مثلي - لا يلام إذا اخطأَ في قواعدِ النَّحو والإعراب، فهو متيقنّ منه الخطأ، أما الخطيب - أو الخطيبة - إذا أخطأ، فتلك مسألةٌ فيها نظر! لأن الكلام لا يستقيم ولا يتحصَّل منه المنفعة المرتجاة إلا بمعرفة أحكام النَّحو والإعراب، مثل ذلك الطَّعام الذي ليس فيه ملح لا يحصل منه الذّوق والغذاء الكامل.

ليس المطلوب أكثر من مراعاة ما يتذوقه اللِّسان دون تكلّف، فمن غير المتوقع أن يقفَ المتكلِّمُ والمستمع عند كلِّ حركةٍ من حركاتِ الإعراب، فنحن في زمنٍ بعيد جدًّا عن استقامةِ اللغة، ويندر أن يسلمَ كاتبٌ أو متحدِّث من خطأٍ أو أكثر. وأقرب مخرجٍ للهروب عند الطوارئ - في بعضِ المواقف وليسَ في كلِّها - هو قاعدة ”سكِّن تسلم“، وهي تعني: لا تُعْرِب الحرفَ الأخير للكلمات أثناء الحديث، كي لا ينكشفَ الخطأ في النَّحوِ والإعراب.

مستشار أعلى هندسة بترول