آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

عن تكفين مؤلفي النصوص مسرحيا!

أثير السادة *

تقول الأخبار بأن عرضا مسرحيا عمانيا قد فاز بنصيب الأسد في مهرجان دولي بالقاهرة، وفي هذه الجوائز تتقدم جائزة أفضل عرض متكامل، وهذا الوصف يذكرني بورطة لجان التحكيم حين تطالع العروض باعتبارها أجزاء متفرقة تارة ومجتمعة تارة أخرى، بمعنى النظر لجملة العناصر التي تؤسس الوحدة الكلية للعمل، وتقييمها على حدة، والنظر لتناغمها وتظافرها في صياغة الشكل الكلي لهذا الحدث الفني.. هي جائزة عادة تختصر طريق الحيرة وتدفع باتجاه القناعة بأن العمل استوفى كامل شروطه الفنية، واستحق مرتبة إبداعية ترفعه على غيره.

ولأن العرض في صورته المخرجة هو من نال النجاح والامتياز، سيصبح مقدرا أن لا نعرف في الأخبار المتداولة اسم المؤلف ولا صفته، ويبقى السؤال المحير لصديقنا عباس الحايك، مؤلف العمل وراسم معالم شخوصه، حول قيمة النص وقيمة المؤلف في العمل المسرحي، يثير فيه مشاعر متناقضة من الحزن والفرح، من الفخر والخيبة، فكلما فاز عمل مسرحي لنص من نصوصه تظاهر بالفرح واستبطن الشك في قيمة المؤلف المسرحي في عالم المسرح.

قناعته بأن النص ركيزة رئيسة في البناء المسرحي، بل هي الرحم الذي تولد منه الشخوص والأفكار والرؤى الإخراجية، وأن كل محاولات التخلي عن النص المكتوب، واعدام مؤلف النص، عبر مسرح شكلاني يراهن على الألعاب الأدائية والبصرية لم تؤكد إلا على مركزية الكتابة سواء كانت لاحقة أو سابقة في الممارسة المسرحية، وعليه في إن النص الخصب هو ما يهب العمل المسرحي أسباب نجاحه ويقدم له مفاتيح أولية لاكتشاف الطريق للرؤية الفنية التي سينتظم من خلالها إيقاع جميع المفردات داخل العمل.

هذا الحديث يتصل بقوة المؤلف من جهة وبحقه الأدبي من جهة أخرى، هذه القوة الفاعلة في بناء العمل المسرحي تفترض الحاجة لإعادة النظر في علاقة المؤلف بالمخرج، وعلاقة المؤلف بالممارسة عموما، لا يمكن حصر هذه العلاقات ببعدها الاستعمالي، أي مجرد استخدام النص وكأنه قطعة أزميل من مستعارة من محل لإيجار معدات البناء، هي علاقة تشبه ما بين المعماري والإنشائي في عالم التصميم العمراني، حيث التكامل والحوار والترابط المؤسس والضامن للصورة النهائية في أي بناء معماري.

قد يبدو هذا الوضع مريحا لمؤلف ميت، حين تعاد له الحياة بإحياء نصوصه وتقديمها، أما الحي فلن يجد في هكذا لحظات إلا انتقاصا من وجوده ودفعا به إلى هامش التجربة المسرحية، وبالتالي دعوة لاعتزال العروض والاكتفاء بالكتابة للمسابقات حيث يراد أن يجد النص المسرحي مجده الحقيقي هناك.