آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 8:51 ص

قد يكون الذكاء وبالاً لصاحبه

سوزان آل حمود *

الذكاء مصطلح يشمل القدرات العقلية المتعلقة بالقدرة على التحليل والتخطيط، وحل المشاكل، وبناء الاستنتاجات، وسرعة التصرف، كما يشمل القدرة على التفكير المجرد وجمع وتنسيق الأفكار، والتقاط اللغات، وسرعة التعلم، كما يتضمن أيضا حسب بعض العلماء القدرة على الإحساس وإبداء المشاعر وفهم مشاعر الآخرين.

تتلذذ أسرتي بذكر المواقف التي ارتكبتُ فيها أخطاء غبية حقًّا على الرغم من كوني أستاذة ووكيلة ورئيسة وناشطة اجتماعية ووو …… الخ، وهذا يحطم الذكاء والدافعية لديّ …

ماذا يعني أن تكون ذكيًّا أو ألمعيًّا؟

يُطلَق هذا اللفظ الدارج في استخدامنا اليومي على الشخص المثقف الذي يتخذ قرارات حكيمة، بيد أن هذا التعريف يتعارض مع الكيفيَّة التي تعودنا بها على قياس مستوى الذكاء. المقياس الأكثر شيوعًا لمستوى الذكاء هو اختبار ”نسبة الذكاء“، الذي يشتهر أكثر باسم اختبار ”الآي كيو“، ويتضمن أَحاجيَ إبصارية مكانية، ومسائل رياضية، وتَعرُّف الأنماط، وأسئلة عن المفردات، وأسئلة تعتمد على البحث البصري.

لا يمكن إنكار مميزات التمتع بالذكاء، فالأذكياء تزيد احتمالات حصولهم على درجات مرتفعة، وكذلك احتمالات تقدُّمهم أكثر في المراحل الدراسية. كما تزيد احتمالات نجاحهم على الصعيد المهني وتقل احتمالات تورطهم في المشكلات في فترة المراهقة. ورغم كل المميزات المصاحبة لصفة الذكاء، قد تندهش إذا عرفت أنه لا يمكن استخدامه في التنبؤ بالنتائج الأخرى المتعلقة بحياة الشخص، مثل الشعور بالسعادة على سبيل المثال. قد تظن أن الأداء الجيد في المدرسة أو العمل ربما يؤديان إلى شعور الشخص بقدر أعلى من الرضا عن حياته مقارنة بغيره، غير أن العديد من الدراسات التي أُجريت على نطاق واسع فشلت في الوصول إلى دليل يثبت أن نسبة الذكاء تؤثر على مدى رضا الشخص عن حياته أو طول عمره.

يصعب على الشخص الخارق الذكاء أن يتحدث عن نقاط ضعفه وعيوبه أمام الآخرين، فعادة ما يخاف ذوو القدرات المعرفية الكبيرة من الفشل، ويطاردهم الخوف من الخسارة منذ الصغر. ويعود ذلك لأسباب مختلفة من بينها طريقة التنشئة، وضغط الآباء ومطالبة أبنائهم بالحصول على درجات أحسن عند اكتشاف الذكاء الخارق الذي يتسم به الأبناء.

ويليام جيمس سيديس... هو أذكى انسان وجد علي ظهر الأرض حسب مقاييس الذكاء ال IQ.

قصته من أغرب القصص التي ممكن أن تسمعها.

والده أستاذ لعلم النفس بجامعة هارفرد. كانت لديه نظرية أن التعليم المدرسي - في المدارس - يقلل من قدرات الطفل ولا يزيدها. وأننا لو تركناه بدون تعليم سيصبح اذكى وافضل من المتعلمين.

الغريب أن ابنه ويليام كان عنده ذكاء خارق فعلا. فكان يمكنه قراءة نصوص معقدة «مثل هوميروس» في سن العامين.

بدأ المشي في سن ال8 أشهر،

بدأ يقرأ صحيفة نيويورك تايمز وعمره عام ونصف.

تعلم اللاتينية وهو في عمر السنتين.

في سن الثامنة، كان يمكنه أن يتحدث ثماني لغات بطلاقة: الفرنسية والألمانية والروسية واليونانية، واللاتينية والعبرية والأرمنية والتركية.

في سن الثامنة، اجتاز امتحان القبول في جامعة هارفارد، ولكن صغر سنه منعه من الإلتحاق بها.

في النهاية التحق بجامعة هارفارد في سن 11، وتخرج يبلغ من العمر 16 عاما مع مرتبة الشرف في عام 1914 ليصبح فيما بعد أصغر بروفيسور في التاريخ.

في سن ال 24، كتب مقال عن المادة المضادة،

وعندما بلغ كان يتكلم بأكثر من 40 لغة ولهجة محلية.

- - الغريب ان قدراته هذه كانت وبالا عليه. فبدلا من تقديره لامتلاكه هذه القدرات اعتبره الناس شخصا شاذا يتظاهر بالذكاء للفت الانظار اليه.

تعرض لانهيار عصبي اثناء دراسته في هارفارد. ولم يستطع أن يتحمل الضغط الاعلامي عليه عندما كان بروفيسور في جامعة رايس. وفي مطلع العشرينات من عمره استقال من منصب الاستاذية. وانسحب أيضا من كل المهن التي تتعلق بالانشطة الذهنية.

ووجده احد المراسلين سنة 1924 وهو في سن ال 26 سنة يعمل في مهنة صغيرة ككاتب.

وصرح وقتها للمراسل: ان كل ما يتمناه هو العمل بعيدا عن اضواء الاعلام. في عمل لا يشكل عبئا عليه.

قضى باقي حياته في عمل وضيع الى ان توفي في عام 1944،

فهل سألت نفسك إن كان الذكاء الخارق نعمة ام وبالا لصاحبه؟!

يتوقع الآباء أن يحقق أبناؤهم إنجازات كبيرة، وأن يبلغ الذكي الصغير جميع غاياته، ومن ثم يتسبب أي إخفاق حتى لو كان طفيفا في إثارة قلقهم.

فأول عائق في اعتقادي هم الاباء، أن ضغط الآباء وارتفاع سقف توقعاتهم من الأسباب التي تحول دون تمتع التلاميذ والطلاب المتفوقين بحياة مهنية ناجحة. وتؤدي المطالب الكثيرة للوالدين إلى زرع الخوف من الفشل في النفس، لذلك يتجنب العديد من الأذكياء المخاطرة، مما يجعلهم يضيعون فرصة النجاح.

أنا شخصيا اعترف دائما بمحدودية معرفتي وكلما احصل على معلومات كثيرة أدرك أن ما اكتسبته يعدّ قليلا. لذلك غالبا ما استهين بقدراتي المعرفية. وهذا سيء لأن التقليل من شأن نفسك، ليس علامة على التواضع، بل هو وسيلة لتدمير الذات..

التواضع هو أن تعتز وتثق بنفسك.. ولكن دون تفاخر أو غرور!! لذا أعمل باستمرار لتطوير مهاراتي حتى اتخلص من تلك الصفة،

واوجه ذاك الخوف واتخطى الحدود، حتى اصل يومًا، واكسر كل القيود لا اتنازل عن القمة ولا اخذ غير الأفضل وارفض بِأن أكون شخصاً عاديا ولا اعطي اهتمام لاي شخص يحاول ان يثني عزيمتي مهما كان.

ختامًا

يتساءل كثيرون عن نسبة ذكائهم، وهل هم أذكياء أو لا؟ واعتقد العلماء أن اختبارات الذكاء تكشف نسبة الذكاء. لكنها لا تكفي، العادات والسمات الشخصية مؤشرات للذكاء، فهل تمتلك سمات الأذكياء؟ وهل ستكون نعمة تستفيد منها وتسعد حياتك؟ أم ستكون نقمة تشكل وبالاً يحطم حياتك؟!

 

مصدر القصة كتاب «تصميم الحياة» د / ويليام ديمبسكي