آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

الصمت أبلغ من الكلام

سوزان آل حمود *

يقولون: الإنسان الناجح هو الذي يغلق فمه قبل أن يغلق الناس آذانهم، ويفتح أذنيه قبل أن يفتح الناس أفواههم.

نسمع كثيرا «الصمت حكمة وقليل فاعله»، وقيل «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»، وفي الحديث «من صمت نجا»، وفي الحكم «الندم على السكوت خير من الندم على القول»، وحكم وأقوال كثيرة، ولكن السؤال هو متى يكون الصمت أبلغ من الكلام؟ ومتى يكون السكوت من ذهب؟ والسؤال الأهم هو متى يكون السكوت من فضة والكلام من ذهب؟

وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا «53» الاسراء

الصمت هو لغة لا يجيده الجميع وهو مرحلة فى النضوج الفكري فحين يصل اليها الأنسان تصبح كلماته حكمة عبارات موزونه وذات قيمة وموضوعية والصمت انواع يوجد صمت يعبر عن الحكمة وصمت معبر عن الحزن والأستياء واللامبالاه وصمت للتأمل والتفكير وصمت لعدم الدراية بما يحدث وصمت طبيعي فطري فى بعض الأشخاص لا يتحدثوا كثيراً.

يكون سكوتك من ذهب إذا كان سكوتك يعالج المشكلة، وإلا فإن الكلام يكون من ذهب لأن علاج المشكلة بالكلام لا بالسكوت، وأحيانا يكون الصمت علاجا عندما تكون غاضبا، فالأفضل أنك لا تتكلم لأنك تعرف نفسك لو تكلمت فإنك ستعتدي على الآخرين، ففي هذه الحالة يكون سكوتك من ذهب حتى يهدأ غضبك، فليس الكلام دائما هو الحل للمشكلة كما أن السكوت كذلك ليس هو دائما حلا للمشكلة، وهنا نحتاج من يتخذ قرارا بالكلام أو السكوت أن يوازن بين الإيجابيات والسلبيات في الموقف الذي يعيشه.

ولا بد أن نفرق بين الصمت القاتل والصمت الذي فيه حكمة ويكون من ذهب، ولهذا قال ابن بريدة «رأيت ابن عباس رضي الله عنه آخذا بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيرا تغنم أو أسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم»، وهنا يبين ابن عباس رضي الله عنه قاعدة عامة في التعامل مع اللسان، وهي أن الصمت حكمة والسكوت من ذهب، أما في حالة لو حصل خلاف بين الطرفين فيكون الكلام هو الحكمة وهو من ذهب.

ختامًا

يتعرض الإنسان في حياتِهِ إلى العديدِ من المواقف والظروف المختلفة الّتي قد تتطلب منه التصرّف بحكمة والتحلي بالّصمت، إلّا أن الصمتَ مهارة وفنّ لا يستطيع الجميع امتلاكه واتقانه، بل يعتبره البعض مهارةً صعبة التعلّم وتحتاج إلى الكثير من التدريب المستمر، أمّا الصّمت بشكلٍ عام فلا يُعتبر دليلاً على الضّعف بل قد يكون من أقوى أنواع الردود وأكثرها مناسبةً لبعضِ المواقف الّتي من الممكن أن يتعرض لها الفرد.

لذا كُن انتقائيًا، فالانتقاء فَنّ، واختَر بعناية ما يستحق أن يكون ضمن إطار حياتك، وإياك واستنزاف نفسك ووقتك في أماكن، أو علاقات، أو دروب، أو صداقات، أو اهتمامات، ليست لك، ولا تشبهك، ولا تُعبِّر عنك، فإن من يعرف قَدر نفسه يعزّ عليه أن يمضي بها في سُبُل لا ينتمي إليها، فما أجمل الصمت في لحظة أو في لحظات، تختفي الحروف وتضيع الكلمات، تتطاير الأوراق وتتكسّر الأقلام.