آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

كيفية التعامل مع الكيل والميزان

صالح مكي المرهون

من مراحل يوم القيامة الميزان، وهو قبل الصراط، والميزان يوم القيامة فيه معنيان.

الأول عملية الطرح، أي معادلة الحسنات والسيئات، فعندما توازن الحسنات مع السيئات وتكون الحسنات أقوى تأثيرا فإنها تحجب العقاب المفترض نتيجة السيئات، طبعا العكس لو غلبت سيئاته على حسناته.

الثاني هو العدل، ومعنى العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، فمن استحق النار سكن فيها ومن استحق الجنة سكنت إليه.

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين

ويل للمطففين العذاب والخسارة توعد الله به المطففين، ثم بين من هم المطففون، فقال ﴿الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون.

إذا كان لهم حقوق على الناس أخذوها وافية لا ينقص منها شي ولا يعطونهم حقوقهم كاملة سواء كان هذا في الكيل أو الميزان أو كان في غير ذلك أو في سائر المعاملات أو التعامل مع سائر الناس من الحقوق الشرعية، والله جل وعلى أمر بإيفاء الحقوق كما هو مطلوب في المكاييل والموازين ثم قال تعالى ﴿وأوفوا الكيل اذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا وقد أهلك الله أمة من الأمم بسبب نقص المكاييل والموازين وعاقبهم عقوبة شديدة بسبب ذلك وذكر ذلك في القرآن الكريم في أكثر من موضع.

قال الله تعالى ﴿والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان.

فإن الله نهى عن الأمرين عن الزيادة إذا أخذت من الناس شيئا واستوفيته فلا تأخذ أكثر مما تستحق وإذا أوفيت الناس حقوقهم فلا تنقصهم بل أعطهم حقهم كاملا بغير نقصان كما أنك لا ترض بأن أحدا ينقص حقق فكيف ترض بتنقيص حقوق الناس ثم الله توعد من يبخسون في المكاييل والموازين بأنهم سيجازون من قبل الله يوم القيامة.

ألا يظن أولئك الذين يبخسون المكاييل والموازين ألا يعتقدون أنهم مبعوثون من قبورهم بعد موتهم ليوم عظيم يوم القيامة، يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد حافية أقدامهم عارية أجسادهم شاخصة أبصارهم إلى السماء من شدة الهول والبلاء، فيجعلهم الله واقفين أقل ما قيل أربعين سنة على أقدامهم. فلا يكلمهم الله من شدة الغضب، فأما أن يدخلهم الجنة وأما النار لشدة ما يقاسون من طول الوقت والزحمة والعذاب الشديد.

موقف عظيم جعله الله لمن يقومون بتطفيف المكاييل والموازين فماذا ينتظر المجرم في ذلك اليوم الذي يبخس الناس أموالهم وأكل حقوقهم، فليذكر هذا اليوم كل من ارتكب هذه الجريمة التي حرمها الله في الدين الاسلامي وفي القرآن والتعامل مع الناس بها، وليس هذا خاصا بالكيل والميزان، بل هذا يشمل كل من اغتصب حقوق الناس، ومع الأسف إن الكفار يوفون بالكيل والميزان ثم يأتي المسلمون ويبخسون منها أو يغشون الناس ويقولون هذه السلعة أصلية وهي في الحقيقة غير ذلك وقد يضع عليها كتابة مزوره بأنها أصلية، ثم يأخذ أموال الناس بغير حق شرعي ويعتبر هذه شطارة وفن في البيع والشراء، لا يدري بأن هذا حرام حرمه الله في الدين وذكره في القرآن ومن يعمل ذلك سيعاقب من الله يوم القيامة، والذي يبيع الناس بصدق وبالوفاء بالتمام يقولون عنه هذا مغفل ولا يحسن التصرف ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، ولذلك أصبح الصدق في المعاملات اليوم غريبا، والصدوق لا يسلك مع الناس لأنهم يخونونه ويتآمرون عليه ويفسدون عليه معاملته، وكذلك هذا من البخس.

أو الذين يستأجرون العمال ويستوفون منهم العمل ثم لا يعطونهم أجرتهم بالكامل وينقصونها أو يأخرونها، وقد قال الرسول الاكرم محمد ﷺ «أعطوا الأجير أجرته قبل أن يجف عرقه».

وهذا النوع من الناس يكون خصمهم النبي محمد ﷺ يوم القيامة.

فليتق الله أولئك الذين يتلاعبون في حقوق الناس أو العمال ويهددونهم بالتسفير أو بالطرد، لأنهم ضعفاء ليس لهم ناصر إلا الله سبحانه وتعالى، فعلى كل مسلم ومؤمن أن يخاف الله بهذا الأمر المخيف، اللهم ارزقنا بحلالك عن حرامك، والله ولي التوفيق.