لماذا أكثر الفائزين بجوائز نوبل من الولايات المتحدة الأمريكية
12 أكتوبر 2021
المترجم : عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 289 لسنة 2021
Why the United States dominates the Nobels
October 12,2021
ما لا يقل عن ثمانية من الحائزين على جائزة نوبل لهذا العام من أصل 13 كانوا من المواطنين الأمريكيين، مما يوسع الاتجاه التاريخي المرتبط بقوة بالمؤسسات الأكاديمية الأمريكية وقدرتها على جذب أفضل المواهب في العالم إليها.
الجامعات الأمريكية تهيمن بصورة مستمرة على التصنيف العالمي ”لأفضل 100 جامعة في العالم“، بما فيها جامعات ”رابطة البلاب[1] “ الخاصة التي تتمتع بهبات مالية سخية وجامعات حكومية مرموقة.
منذ أن مُنحت أولى جوائز نوبل في عام 1901، حصلت الولايات المتحدة على 400 جائزة منها، تليها المملكة المتحدة ب 138 جائزة وألمانيا ب111 جائزة - وتشمل هذه الأرقام أشخاصًا ينتمون إلى دول متعددة.
الفائزون بجائزة نوبل حسب القارات «2»
جدول الفائزين بالجائزة بحسب الدولة «2»
”إنني أقدر في الحقيقة الفرص التي أتيحت لي في هذا البلد «الولايات المتحدة»،“ كما قال أرديم باتابوتيان Ardem Patapoutian، الحائز بالمشاركة على جائزة نوبل للطب لعام 2021 عن دراساته على مستقبلات الأعصاب المتعلقة باللمس، كما قال مؤتمر صحفي بعد فوزه.
عزا أرديم الذي هو من أصل أرميني ونشأ في لبنان، فضل نجاحه إلى نظام جامعة كاليفورنيا الممول حكوميًا، حيث حصل على البكالوريوس وأكمل ما بعد الدكتوراه، بالإضافة إلى عمله في معهد سكريبس للأبحاث لمدة عقدين من الزمن.
شريكه في الفوز بالجائزة ديفيد جوليوس David Julius ينتمي أيضًا إلى جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو. وبنحو إجمالي، فاز باحثو وأعضاء هيئة التدريس بجامعة كاليفورنيا ب 70 جائزة من جوائز نوبل - وفازت فرنسا «رابع دولة في ترتيب الدول الفائزة، بالجائزة في العالم» بأقل من إجمالي عدد هذه الجوائز بواحدة «أي 69 جائزة».
البحوث الأساسية[3]
سيوكورو مانابي Syukuro Manabe الحائز بالمشاركة على جائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام، والذي غادر اليابان في الخمسينيات من القرن الماضي وقام بعمله الرائد على نماذج المناخ في جامعة برينستون في ولاية نيوجيرسي، قال للصحفيين أنه بسبب وجوده في أمريكا كان قادرًا على أن يتجه إلى حيث قاده فضوله، مما كان أمرًا أساسيًا لنجاحه.
ديفيد ماكميلان David MacMillan الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء لهذا العام انتقل إلى الولايات المتحدة من اسكتلندا في التسعينيات من القرن الماضي، وهو أيضًا برفسور في جامعة برينستون - الجامعة التي تخرجت منها بالبكالوريوس الصحفية ماريا ريسا Maria Ressa الفلبينية الأمريكية في عام 1986 والفائزة بجائزة السلام [بالمشاركة مع الصحفي الروسي ديمتري موراتوڤ Dimitri Muratove].
جائزة نوبل في الاقتصاد هذا العام تقاسمها الكندي الأمريكي ديفيد كارد والإسرائيلي الأمريكي جوشوا أنغريست - وكلاهما من جامعة برينستون - والأمريكي الهولندي جويدو إمبينز من جامعة ستانفورد.
قال ديفيد بالتيمور الحائز على جائزة نوبل في الطب عام 1975 لوكالة فرانس برس إن تمويل الأبحاث الأساسية، التي تُعرّف على أنها دراسة تهدف إلى تحسين النظريات العلمية أو فهم المشاركين في هذه الدراسات، هو في صميم فوز أمريكا بالجوائز.
هذا هو ”المؤشر اللاحق [أو مؤشر النتيجة trailing indicator]“ لأنه، مقارنة بالبحوث التطبيقية، يمكن أن تأتي العوائد على البحوث الأساسية بعد سنوات أو بعد عقود، وغالبًا بطرق غير متوقعة.
وأضاف بالتيمور، الرئيس الفخري وأستاذ علم الأحياء المتميز في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ”هذا أيضًا يرجع إلى قوة معاهدنا البحثية وجامعاتنا التي تعود إلى تأسيس جامعة هارفارد منذ قرون عديدة، وإلى دعمها المستمر دون انقطاع“.
يعود تركيز أمريكا على الأبحاث الأساسية إلى تداعيات الحرب العالمية الثانية وإنشاء مؤسسة العلوم الوطنية في عام 1950 «انظر[4] »، والتي تواصل تنسيق التمويل الفيدرالي للجامعات اليوم. الأعمال الخيرية والأوقاف الخاصة أيضًا تلعب دورًا متزايدًا في التمويل.
علي الرغم من أن الصين في طريقها للحاق بالولايات المتحدة من حيث إجمالي تمويل البحوث «496 مليار دولار مقابل 569 مليار دولار معدلة لمعادلة القوة الشرائية في 2017»، فإنها تواجه تحديات مرتبطة بالحرية الأكاديمية[5] والقدرة على جذب أفضل المواهب اليها من العالم، كما قال شينغ HN Cheng، رئيس الجمعية الكيميائية الأمريكية.
مكافأة الشباب والمهاجرين
كما تهيمن الدول الغنية ذات البنية الرياضية التحتية القوية على المنافسات الدولية مثل الألعاب الأولمبية، فإن كون الولايات المتحدة الرقم الأول في الاقتصاد العالمي يجعلها قوة علمية.
وقال تشينغ لوكالة فرانس برس ”لذلك سيجد الباحث على سبيل المثال المزيد من فرص العمل ليس فقط في المؤسسات الأكاديمية ولكن أيضا في الصناعة والمختبرات الحكومية وغيرها من الفرص“.
أضاف مارك كاستنر، الأستاذ الفخري للفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن الجامعات الأمريكية لديها تاريخ طويل في مكافأة الباحثين الشباب المتميزين بإعطائهم فرص زن يكون لهم مختبراتهم الخاصة بهم.
”في أماكن مثل أوروبا واليابان، هناك مجموعات بحثية كبيرة يقودها برفسور قديم جدًا، ولا يمكن أن يكون هناك أي مجال ليتولى الأصغر منه سنًا حتى يتقاعد ذلك البرفسور، وحين تحين تلك الفرصة لم يعد لدى هؤلاء بالضرورة أفضل ما لديهم من أفكار علمية،“ كما قال.
على سبيل المثال، باحثة علم الأحياء العصبية بجامعة هارفارد كاثرين دولاك[6] ، الحائزة على جائزة الاختراق العلمي لعام 2021 لأبحاثها في غريزة الوالدية / الأبوية «وهي التصرفات التي يقوم بها الحيوان بما فيهم البشر ليؤمن بقاء ذريته على قيد الحياة ويحسن من ظروف حياتهم وتطورهم / نمائهم،[7] ]، قررت عدم العودة إلى فرنسا حين كانت في العشرينات من عمرها لهذا السبب بالذات، فضلاً عن التحيز الجندري [وهو نوع من التحيز الضمني لجنس على حساب جنس آخر،[8] ]، كما قالت لوكالة فرانس برس العام الماضي.
وإذا ما تطلعنا إلى المستقبل، يشعر البعض بالقلق من أن انخفاض الهجرة يمكن أن يمثل صعوبات أمام التفوق الأمريكي.
وقال ستيفانو بيرتوزي Stefano Bertuzzi الذي هاجر من إيطاليا وهو اليوم الرئيس التنفيذي للجمعية الأمريكية لعلم الأحياء الدقيقة، لوكالة فرانس برس: ”لقد بنت الولايات المتحدة ثقافة ترحيب استثنائية [حيث يشعر المهاجر بأنه مرحب به ولا يتعرض للتمييز]“.
لكن في الآونة الأخيرة، كان ستيفانو بيرتوزي وكاستنر Kastner قلقين من اتجاهات كراهية / رهاب الأجانب[9] والقومية[10] المتصاعدة، مما يجعل الولايات المتحدة أقل اختيارًا كوجهة من قبل المهاجرين.
ينطبق هذا بشكل خاص على الطلاب الصينيين، الذين وضعوا تحت المراقبة أثناء إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بسبب مخاوف تتعلق بالتجسس.