آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

دلالات المطبات داخل الأحياء وقراءة سلوك بعض المجتمعات

المهندس أمير الصالح *

المَطبة التي تُزرع في الشوارع تعكس معالجة اضطرارية لجزء من سلوكيات بعض أفراد المجتمع. فالمطبات لم ولن تُزرع في كل مكان لولا أن عدد لا يُستهان به من سائقي السيارات استهتروا بأنظمة المرور أثناء قيادتهم للمركبات وتجاوزوا السرعات النظامية المحددة داخل الأحياء السكنية. ”القيادة: ذوق وفن وأخلاق“، كان شعار يُرفع على امتداد عقود من الزمان لاسيما في أسابيع وحملات المرور السنوية. إلا أنه أمر مؤسف بن تكون أصداء تلكم الحملات في بعض المدن غير طيبة، بل يقابلها زيادة تصاعدية في التفلت والسرعات الجنونية داخل بعض الأحياء السكنية من قبل البعض.

داخل شوارع الأحياء من الصعوبة زرع جهاز ساهر أو انتداب جندي مرور ولذا أضحى من الطبيعي إيجاد حلول أخرى. وأضحى من الملموس مشاهدة مطبات مزروعة عند الطرق المجاورة للمستشفيات والمستوصفات والمدارس والمساجد والمنافذ الفرعية للأحياء والطرق الداخلية لمواقف المجمعات التجارية. وأصبح مألوفا أن ترى مطبات مزروعة عند بعض التقاطعات الرباعية والتقاطعات الثلاثية «حرف T» في حالات عدم وجود إشارة مرورية كهربائية. وشخصيا لا أرى المطبات بنوعيها الانسيابي والدفش «الخشن» حل جذري لمعضلة السرعة داخل الأحياء، لأنه يعاقب الجميع بطيش القلة من المتفلتين سواء كانوا كبار أو شباب أو مراهقين. والجميع تتعرض سياراتهم لكدمات في هيكل سياراتهم بسبب تزايد عدد المطبات. ولذا أعول على زيادة الوعي وتعاون أرباب البيوت في توجيه ونصح أفراد أسرهم على قيادة المركبة بطريقة صحيحة وصحية ونظامية.

الاستقراء التالي استخلصته من خلال الملاحظات الواقعية وبعد عقد عدة تدوينات شخصية عن سلوك سكان ورواد بعض الأحياء السكنية في أكثر من حاضرة محلية في المنطقة الشرقية. وقد عملت على تدوين ملاحظات تفاعل السواقين في ساعات الذروة «الذهاب للعمل» وساعات السكون. حتى أنني في أحد المواقع كدت أن أتعرض للدهس لعدم التزام سائق إحدى العربات بالتخفيف عند المَطبة الخشنة وقطعه لخطوط المشاة بسرعة من أجل إدراك موقع عمله قبل صافرة بداية الدوام!

على الشخص وقبل الانتقال للسكن في حي ما أو اتخاذ قرار المكوث المستمر في ذات الحي الحالي، التأمل في هذه النظرية أو الاستقراء المنطقي التالي:

”كلما كثرت المطبات المزروعة في داخل الحي السكني القائم، فإن ذلك الحي يسكنه أو يزوره عدد كبير من المراهقين المستهترين أو المراهقات الغير ملتزمات بأصول القيادة السليمة للمركبات“.

وحينذاك يقرر الشخص صاحب الشأن المضي قدما في المكوث أو الانتقال لحي آخر أو مواجهة المزعجين من سكان الحي متسلحا بالقانون. ويكون القرار أكثر أهمية لكبار السن ممن يحبون أن يمضون بعض الوقت خارج منازلهم وفي محيط الحي لممارسة رياضة المشي أو التنزه أو كسر الرتابة أو التجول مع الأحفاد، لأن احتمالية وقوعه ضحية ستكون ذات نسبة عالية.

وشخصيا استقرأ عند رصد وجود مطبات كثيرة في حي ما، بأن حالات العصيان الأسري لبعض شباب الحي في نطاق ذات الحي وصلت لمرحلة متضخمة. وأن الأبناء المراهقين والبنات المراهقات يعبرون عن عصيانهم وتمردهم لأنماط حياتهم ومساحة الحوار مع والديهم من خلال هتك حدود السرعات النظامية بشكل جنوني وكارثي.

نتطلع أن تكون أحياؤنا وكذلك حياتنا خالية من المطبات بكل أنواعها: المادية والعاطفية والتربوية والنفسية والمالية والاجتماعية. وليكن هدف الجميع تقليل عدد المطبات والاخفاقات في الحياة الأسرية والمالية والوظيفية. وهنا دعوة صادقة من محب لأبناء أمته ووطنه ومجتمعه فحواها على الآباء والأمهات أخذ زمام المبادرات لاحتواء أبنائهم وبناتهم وإبقاء جسور التواصل فاعلة وتنشيط الحوارات الهادفة داخل البيت مع أبنائهم وبناتهم لا سيما المراهقين منهم وإرواء حياتهم بالأنشطة المحببة لتقويم سلوكهم نحو الصحيح والأصح. فالابناء لبنة بناء المجتمع وهم روح المستقبل.