آخر تحديث: 16 / 5 / 2024م - 11:52 م

الصراع بين الغريزة والعقل

خليفة علي الغانم

أعزائي الأحبة لا أخفيكم سرا أني حاولت جادا، وأنا أزف إلى جنابكم الوقور معايدة عيد الأضحى لعام 1444ه الموافق 2023 أن أتجنب إثارة موضوع ساخن بين مؤيد وداعم له من عدة جهات ودول غربية وأمريكية بكل ما أوتيت من قوة وبين معارض له من جهة أخرى لكن وجدت لزاما علي التطرق إليه، ولو بشكل مختصر.

اندهاشي واستغرابي في الموضوع المتداول على مستوى القنوات الفضائية ووسائل التواصل الحديثة الأخرى أن دولا متقدمة في المستويات العقلية والعلمية والمنطقية وقد تصدرت إنتاج التقنية والتكنولوجيا الحديثة المهمة بشتى أنواعها على مستوى العالم، وتطبق النظام الديمقراطي في ادارة شؤونها السياسية والإدارية، إلا من دواعي الاستغراب أنها انجرفت، وسمحت لنفسها رسميا الدخول في أنفاق ثلاثة مظلمة وذلك بتأييدها وترويجها ودعمها كل من «المتحول، المثلية، البيدوفيليا أي التحرش جنسيا بالأطفال» وفي الحقيقة مع البحث والتقصي لم أعثر على بحث أكاديمي يعزز ويبرر السماح بممارسة الشذوذ الجنسي، فلماذا يتبنون ذلك من دون مرتكزات علمية؟.

لا أتنصل أن مثل هذه الميول الجنسية كانت موجودة منذ القدم لكن العلم الحديث أثبت أنها حالات مرضية لأسباب قد تكون تربوية أو سيكولوجية أو بيولوجية أو مجتمعية أو مجتمعة معا تستحق الوقاية والعلاج للتخلص منها وعدم السماح بنشر هذه الأوبئة التي تحمل في طياتها أخطارا صحية ومجتمعية وأخلاقية واقتصادية فادحة على بني الإنسان.

وقد أنكرها القرآن الكريم في قول الله تعالى «وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ ? إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ» من سورة الأنبياء آية 47 والآية وضحت أن هذه الخبائث يتجنب العمل بها من يمتلك الحكمة والعلم، وبالمثل أنكرتها الكثير من القوانين الوضعية السوية.

سأذكر شاهدين منفصلين من ضمن عدة شواهد تم تداولها في الآونة الأخيرة على مستوى دول العالم.

المشهد الأول: طالب كندي في مدينة تورنتو عمره لا يتجاوز 16 سنة في المرحلة الثانوية عبر عن استنكاره للمثلية داخل مدرسته وقال الإنسان الطبيعي يتكون من ذكر وأنثى؛ لهذا تم اعتقاله وتكبيل يديه على الملأ داخل فناء المدرسة! أليس من باب الحرية والعدل والمساواة كنظام ديمقراطي يسمح بالتعبير المضاد حتى لو طال رأس النظام لماذا يتم معاقبة كل من يخالف هذا التوجه بحزم وصرامة؟.

المشهد الثاني: وهذا الذي يعنينا كثيرا انتشر فيديو يبين أن بنتا لا يتعدى عمرها 12 سنة، وهي تتحدث، وتؤكد على تصميمها أن تمارس ما تشاء من حالات الانفلات الغرائزي المدمر لحياتها، ولن أدخل في تفاصيل كلامها التي اعتبرته حرية شخصية متغافلة بل جاهلة ما يترتب عليها من أضرار مستقبلية، بلا شك إنها تعرضت إلى غسيل لدماغها و‏ يقصد به تحويل الفرد عن اتجاهاته وقيمه وأنماطه السلوكية وقناعاته الفكرية، وتبنيه لقيم أخرى جديدة تفرض عليه من قبل جهة ما سواء كانت فرداً أو مجموعة أو مؤسسة أو دولة، والتأثير فيها وإقناعها بما يريدون مستخدمين في ذلك إحدى وسائل التواصل الحديثة بأساليب متفننة في المكر والخداع والإقناع الغرائزي خارج سيطرة العقل.

بالتأكيد هذه المشاهد لا أنسبها إلى أساليب المؤامرة علينا كمسلمين أو عرب أو غيرنا من شعوب العالم لإن ضررها يعم أطفال الدول الداعمة، وليس حصرا فقط وفقط على أفراد وأطفال الدول الممانعة.

لكي لا أطيل في الموضوع أتجنب الدخول في التفاصيل مكتفيا بطرح هذا التساؤل: - هل الجهات الممانعة ملمة فقط بالسلبيات جراء هذه الممارسات وجاهلة بالإيجابيات التي لم تدركها بينما الدول الداعمة متجاهلة السلبيات من أجل الإيجابيات الأكثر والمتحفظة عليها التي لم تصرح بها حتى الآن في منابر الأوساط العلمية لتقنع به العقول، وهذا مخالف ومغاير لمنهج دول العلم والمعرفة والمنطق والتجربة التي تتشبث بتعميم هذه السلوكيات وتمريرها عالميا بالخداع أو المساومات السياسية من غير تبيان الأدلة الراجحة المقنعة؛ ولهذا سنضطر نتكئ على مغازي المثل الحساوي الشهير «تحت السواهي دواهي» حيث من مقاصده ومعانيه هو: التحذير من الأشخاص الصامتين الذين يشكلون خطورة؛ لإنهم لم يعلنوا أهدافهم وأسبابهم ومبرراتهم الداعية لتبني هذه الانحرافات السلوكية المغايرة على حساب السلوك البشري السوي؟

هل يعود هذا الانقلاب إلى طغيان الغريزة وتحكمها في العقل وذلك بإنها تسمح للجسد ان يتحرك من تلقاء نفسه دون أن ينتظر الإشارات التي يرسلها له العقل؛ لأن تلك الإشارات العقلية تاخذ مدة من الزمن فتسبقها الإشارات الغريزية متحررة من العقل الناضج؟ لهذا لابد من أخذ الحيطة والحذر لكي لا ندخل في دوامة لقاح كورونا وأثاره السلبية كما تحدث عنها كثير من المتخصصين رغم صرف جرعاته أيضا لمواطني دول مصنعي هذه اللقاحات كما أخذها غيرهم.

أزّفُ إلى جنابكم المحترم الوقور معايدتي القلبية بحلول عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعليكم أعواما عديدة وأزمنة مديدة وأنتم تنعمون بوافر الصحة والسعادة لكم ولجميع محبيكم.

ملتمسا منكم قبول عذري لإثارة هذا الموضوع المتلاطم كأمواج البحر بمعية معايدتي إليكم.