آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 11:39 م

باحث: التصوف طريقة تعبدية وليس مذهب منعزل..

جهات الإخبارية

أكد الباحث في المذاهب الإسلامية الشيخ الشريف أبو الكساوي أن التصوف ليس مذهبا منعزلا وانما هو طريقة تعبدية حيث أن المذهب السائد في السودان وفي أجزاء كثيرة من افريقيا هو المذهب المالكي.

وأوضح أن التصوف أوجد لدى المجتمع السوداني حالة من التسامح والانفتاح والسكون النفسي والقدرة على احترام الآخر وأبعد عنهم حالة التعصب والتشدد الذي يسود في مجتمعات أخرى.

وتناول في الأمسية التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي تاريخ التصوف في السودان وتأثيره على العلاقات الإجتماعية والطرق المتبعة والعلاقة بينها وبين المذاهب الاسلامية.

وأدار الأمسية عضو المنتدى وليد الهاشم، كما شارك فيها كضيف شرف الشيخ عبد الله اليوسف وألقى كلمة حول التنوع المذهبي والانفتاح والتعرف على الآخر في نهاية البرنامج.

وأشار إلى أن التصوف حالة قديمة وهو واقع قائم ومنتشر في مختلف مناطق السودان، وأنه انتقل للسودان عبر الشيخ تاج الدين البهاري القادري القادم من الحجاز عام 1577م والذي بنى له خلوة «بيت من القش» في إحدى قرى السودان وعلم أتباعه ومريديه العديد من الأوراد والأدعية وبدأت جماعات كثيرة باتباعه والالتحاق به وخاصة من الفقراء الذين وجدوا في منهجه أسلوبا للتعبد والصفاء.

وتحدث عن توجهات التصوف في نشر وتعميق مبادئ العقيدة الاسلامية بطريقة مبسطة أساسها إلزام المريدين اتباع منهج خلقي وتعبدي خاص مع المداومة على قراءة الأذكار والأوراد، معتمدين في ذلك على المستوى العلمي والاخلاقي كالزهد وكثرة التعبد.

وأضاف أن التصوف الذي يعود مسماه إلى“أهل الصفة”ويتميز بالزهد والعطاء والبذل والبساطة قد انتشر بعد ذلك في مناطق مختلفة من السودان بنفس الطريقة التي تتشكل من خلوة وقرآن وشيخ ومؤيد، وارتكزت أساسا على المديح للرسول ﷺ ثم توسعت بعد ذلك لتتحول إلى طرق متعددة.

وتحدث المحاضر عن التطورات التي لحقت بالتصوف في السودان حيث بدأت تنتشر الحالة القبلية داخلها، وجاءت مشكلة التوارث في المشيخة مما أدى إلى الانشقاقات المتتالية، إضافة إلى دور العامل السياسي الذي جذب بعض الفرق وغلب عليها الممارسة السياسية أكثر من التعبدية.

وقال أنه نظرا لما ورثه الأفارقة من عبادات قديمة ولبساطة الكثير من الناس فقد دخلت الطقوسيات وادعاء الاعجاز وانتشار الدجل لدى بعض الأتباع لكنه لا يؤثر في سلامة أصل الطرق المتبعة.

وأورد أن من بين الطرق الصوفية في السودان القادرية، الشاذلية، السمانية، الختمية، الاسماعيلية، التيجانية، الرشيدية والادريسية وكلها تعود إلى مؤسسيها وتختلف فيما بينها في طريقة الذكر التي تستخدم فيها آلات وطقوس مختلفة.

وأكد المحاضر الشيخ الشريف أبو الكساوي على أن هذا النشاط الصوفي ذي الأبعاد الدينية والاجتماعية هيأ للبلد وقاطنيها أسباب الاستقرار والوحدة التي تحول دون الشقاق من جهة وتؤلف بينهم في بوتقة من المحية والألفة من جهة أخرى.

وطرح العديد من الحضور أسئلة على ضيف الندوة بدأها أحمد المدلوح بسؤال عن جلسات الذكر لدى بعض الفرق الصوفية التي تتخلها الموسيقى وأشكال من الرقص، وهل أن ذلك تعبيرا عن“الوجود المتعالي”الذي يعتقدون به.

وطرح محمود الهاجري سؤالا حول بدايات التصوف في السودان وفي أي عام بدأ في الانتشار هناك.

وشارك مبارك الطيب بمداخلة قال فيها أن التصوف في السودان يمتد لأكثر من قرنين ونصف تقريبا، وأن المسيد هو عبارة عن مؤسسة شاملة للطرق الصوفية وهي منتشرة في مختلف مناطق السودان وتتركز فيها مختلف الخدمات المؤسسية لأتباع الطريقة، وأن مشايخ الصوفية برز منهم أساتذة جامعيون وعلماء كبار ولهم العديد من المؤلفات العلمية.

وتساءل عبد الرسول الغريافي عن ما يميز المتصوفة عن غيرهم من المسلمين من اتباع المذاهب الاسلامية الأخرى.

وعلق محمد التاروتي على اختلاف الحالة الطقوسية لدى الصوفية من منطقة لأخرى. وطرح الأستاذ جلال الناصر تساؤلا عن مفهومي وحدة الشهود ووجدة الوجود لدى الصوفية وعن تأثير الجانب العقائدي على السلوك.

وعلق عيسى العيد على همية التفريق بين مختلف الطرق الصوفية في الممارسات لدى كل منها.

وناقش نادر الابراهيم اشكالية عدم اكتمال المعلومات في الندوة عن التصوف متسائلا عن أبرز نقاط الخلاف بين التصوف والسلفية.

وأضاف أحمد الخميس على ذلك بقوله لعل التصوف فيه نزعة انسانية تهدف لأنسنة الدين والتدين بشكل عام.

وطرحت هدى القصاب اشكالات على المحاضر بقولها أنه غاب عنه الايحار في عمق عالم التصوف ومجالاته الواسعة المصنفة في الكتب.

وتساءل فؤاد البراهيم عن الطرق الصوفية المختلفة في السودان. أما زكي البحارنة فطرح تساؤله عن ماذا أضافت الصوفية للمجتمع السوداني، وعن مدى وجود حالة تصحيح فيها.

وتساءل محمد زاهر عن مدى انتشار حالة التصوف في السودان بشكل عام.

وتداخل المشرف على المنتدى جعفر الشايب أهمية مثل هذه اللقاءات لاستيعاب الفضول المعرفي وتنمية الوعي باتجاه معرفة الشأن الديني بصورة مباشرة من أصحاب المذاهب ومفكريها.

وأكد على دور المنتدى في فتح المجال أمام الجميع للحوار الحر والموضوعي والبناء.

وفي ختام اللقاء، تحدث ضيف الشرف في الندوة الشيخ عبد الله اليوسف حول فكرة الانفتاح والاستزادة بالمعرفة حول الجوانب المختلف للمذاهب الاسلامية كطريق للتواصل والتعارف والتفاعل البيني حيث أن التعارف هو المدخل الأساس للتواصل بين الجميع.

وكانت الفعاليات المصاحبة قد بدأت بكلمة للفوتوغرافي محمد زاهر قطرميز الذي أقام معرضا صوريا لأبرز أعماله بالمنتدى، وتحدث عن تجربته الفنية في مجال التصوير منذ أن بدأ إلى أن تخصص في تصوير الطبيعة وأصبح مولعا بذلك، وحصل على شهادة من كلية الفنون الجميلة بدمشق.

وتم تكريم بيان أحمد الزيمور خريجة من برنامج العوق البصري حيث تحدثت عن مسيرتها الدراسية وتوقها الأكاديمي الجامعي وحصولها على لقب الطالبة المثالية ومرتبة الشرف الأولى على الرغم من اعاقتها البصرية، وتناولت في كلمتها العقبات التي اعترضتها وتمكنت من تجاوزها بقوة ارادتها وبدعم أهلها.

وشارك غسان الناصر في عرض كتابه“عالمنا الجديد ذلك المجهول”والذي وقعه في نهاية البرنامج حيث تناول في كلمته اعريفا بكتابه الذي يهدف إلى كشف أبعاد العالم السيبراني وتأثيره على الأجيال الجديدة ضمن سلسلة علمية توعوية.