آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

المواقف تكشف المستور

سلمان العنكي

أمضيتُ خمسة عقود متعاملاً مع المجتمع ”العوام والأرحام والأصدقاء“ خلاصتها:

أولا: العوام:

«1» لا تتعامل بثقة وحسن ظن - إلا أن تكون عن تجربة وبينة ودراية حتى لا تضيع الثقة، وتقع في محظور على حين غرة - دون اتخاذ الإجراءات الرسمية النظامية التي تحميك، فإنها المثبتة لحقك وقت الخصام خاصة في الأموال.

قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة: آية 282] وحالة إنهاء الأعمال الخدمية بيّن ذلك محرراً، وقد لا تنجو تأكد من تفسير بنود الاتفاق فالشياطين يكمنون في التفاصيل وبين السطور. لا يعني كلامنا هذا سوء المتعاملين جميعاً إنما بينهم في ثياب بيضاء، وأنت لا تدري ما تحتها مِن سواد.

«2» الناس مختلفو الذمم بينهم مَن لا يعرف باب المسجد، ولكن لا يبخس الحقوق يؤديها في موعدها دون ملاحقة أو تسويف، يحمل هَمّ إبراء ذمته، ولا يخدعك.. لكن بعض المتدينين ”أصحاب السجدة الطويلة“ الذين يسوفون إلى أن لا يفوا بشيء، وآخرين بعد جهد جهيد ومتاعب تستعيد حقك، ولو متأخراً لكنهم خير من سابقيهم.

«3» الأسوأ مَن يحوّل المعروف إلى منكر والإحسان إلى عداوة إن استمررت مطالباً يقاطعك للأبد كأنه المحق وأنت المبطل يسيء لسمعتك ويكيل لك الاتهامات ينسب لك ما ليس فيك من خبث الصفات ”هذا جزاء إحسانك إليه“.

ثانيا: الأرحام:

«1» تعامل مع أرحامك دون منافع ترجوها أو الشكر لما قدمت ”إن قاطعوك أو رفضوك صلهم عند حاجتهم أنها الرحم تشكو لله من قطعها“، ومع ذلك قد لا تأمن شرهم بعضهم يقابلك بالإساءة ومحق مَن قال مِن ”الأقارب عقارب“. استغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً يقول طرفة بن العبد ”وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند“. كن أنت المظلوم الواصل بينهم لا الظالم القاطع لهم.

«2» تغاضى عن حقوقك المادية إن أمكن أو بعضها كذلك المعنوية، فإن كسبت ودهم فزت ونلت رضا الله، وإن كانت الأخرى أديت ما عليك وتضاعف أجرك ”مَن يراها ضعفاً أو سذاجة لا تبالي، بل اعتبرها وصلاً“. أنت سيد أخلاق هنا، لكنهم لا يشعرون هناك. طبع الشيطان على قلوبهم.

«3» لا تمنعك كثرة هفواتهم أن تقبل أعذارهم إن جاؤوك طائعين نادمين مسلِمين. اتركهم وشأنهم ”احملهم على عدم التوفيق وادع لهم بالهداية“ لا تكن شديد الحساسية تتابع سلبياتهم ما يعنيك وما لا يعنيك بعضهم يؤذيك وأنت له نافع ”يطعنك بخنجر ويثني بأخرى“ حسداً وحقداً لنعمة إصابتك وقد أعطي منها يتمنى زوالها لجهله وفشله لما وصلتَ إليه وما أنت فيه من نجاح.

ثالثا: الأصدقاء:

«1» أصدقاء المصلحة: هم باختصار كما قيِل:

تَحالَفَ الناسُ والزمانُ
فحيثُ كانَ الزمانُ كانوا

عادانيَ الدهرُ نِصفَ يومٍ
فانْكَشَفَ الناسُ لي وبانُوا

يا أَيها المُعرِضونَ عَنَّا
عُودوا فقد عادَ لي الزمانُ


ما أكثر هؤلاء حولك وقت الرخاء وأبعدهم عنك في الشدة.

«2» أصدقاء الفكر: يقوم بتوجيهك منصحاً مرشداً إن رآك في غير الطريق السوي صحح مسارك لا يقبل قولاً مشيناً فيك، يدافع عنك وعن عرضك ومكانتك الاجتماعية في غيابك. إن بدت منك سيئة سترها وأمرك بتركها أو حسنة نشرها وطالبك بالمزيد منها لا يعاديك أو يتخلى عنك إن جارت عليك الأيام ”صديقك من صَدَقَك لا من صدّقك“.

«3» أصدقاء العطاء: يبذل الغالي والنفيس لأجلك يقف معك في محنتك، إن بعُد عنك يوماً لأمر اختياري أو قسري عاد إليك وقت شدتك إنه الوفي الحقيقي والخليل المواسي، فإن ظفرت به وإلا ترُبت يداك ”رُبَ أخٍ لكَ لم تَلدْهُ أمّكَ“ خلاصة ما نعني لا تنكشف الحقيقة إلا في ”ثلاث“ الصدق في التعاملات والإنصاف في الخلافات والتسامح عند توزيع التركات. أما الظواهر الشكلية والأخلاقية والعبادية فهي خداعة إلا ما رحم ربي ونذر ”وعند الامتحان يُكرم المرء، أو يُهان“ كن صادقاً منصفاً متسامحاً ترشد.