آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 5:34 م

كيميائية دموع المرأة تقلل من عدوانية الرجل

الدكتور أحمد فتح الله *

يقال: ”بكاء المرأة سلاح“، والعلم يقول: ”دموعها سلاح وإن لم تبكِ“.

نُشرت يوم الخميس 21 ديسمبر (2023 م) في مجلة PLOS Biology, دراسة بعنوان: ”إشارة كيميائية في دموع الإناث البشرية تقلل من العدوانية لدى الذكور“ [1] ، تظهر أنّ دموع النساء تحتوي على مواد كيميائية تمنع العدوان من الرجال. تقول الدراسة أن استنشاق الدموع من قبل الرجال أدّى إلى انخفاض نشاط الدماغ المرتبط بالعدوان، أي أدى إلى سلوك أقل عدوانيّة.

ومن المعروف في علم الحيوان أنه يتم وقف عدوان الذكور في القوارض عندما يشمُّون دموع الإناث. وهذا مثال على الإشارة الكيميائية الاجتماعية، وهي عملية شائعة في الحيوانات ولكنها أقل شيوعًا - أو أقل فهمًا - عند البشر. ولتحديد ما إذا كانت الدموع لها نفس التأثير عليهم، عرّض الباحثون مجموعة من الرجال إمّا لدموع النساء العاطفية أو المياه المالحة أثناء لعبهم لعبة ثنائيّة تم تصميمها لإثارة السلوك العدواني ضد اللاعب الآخر، الذي كان يُعتقد أنه يغش. يمكن للرجال الانتقام من اللاعب الآخر، عندما تتاح لهم الفرصة، عن طريق التسبب في خسارة أموالهم. ولم يعرف الرجال ما الذي كانوا يستنشقونه، كما لم يتمكنوا من التمييز بين الدموع أو المحلول الملحي، لأنهما عديما الرائحة. لقد انخفض السلوك العدواني المؤدي للانتقام خلال اللعبة بنسبة تزيد عن 40% بعد أن استنشق الرجال دموع النساء العاطفية.

وقد كشف تصوير الدماغ عن انخفاض النشاط في المناطق المرتبطة بالعدوان عندما استنشق الرجال دموع النساء. عند تكرار التصوير بالرنين المغناطيسي، أظهر التصوير الوظيفي منطقتين دماغيتين مرتبطتين بالعدوانية - قشرة الفص الجبهي والجزيرة الأمامية - اللتان أصبحتا أكثر نشاطًا عندما تم استفزاز الرجال أثناء اللعبة، لكنها لم تصبح نشطة بنفس القدر في نفس المواقف عندما تم استفزاز الرجال الذين استنشقوا الدموع بشكل فردي. وكلما زاد الاختلاف في نشاط الدماغ في هذه الحالة، قل انتقام اللاعب أثناء اللعبة.

ويخلص الباحثون إلى إن العثور على هذا الرابط بين الدموع ونشاط الدماغ والسلوك العدواني يعني ضمنا أن الإشارات الكيميائية الاجتماعية هي عامل في العدوان البشري، وليس مجرد فضول حيواني.

ويشددون في تقريرهم: ”لقد وجدنا أنَّ دموع الإنسان، كما هو الحال في الفئران، تحتوي على إشارة كيميائية تمنع عدوانية معينة من الذكور، وهذا يفند الفكرة الشائعة أن الدموع العاطفية هي أمر إنساني بحت[، أي يتفرد الإنسان به دون باقي الحيوانات].“

وقد جاء في الملخص (Abstract) المرفق مع الدراسة المنشورة ما يلي:

تحتوي دموع القوارض على إشارات كيميائية اجتماعية ذات تأثيرات متنوعة، بما في ذلك منع عدوانية الذكور. [كما] تحتوي دموع الإنسان أيضًا على إشارة كيميائية تخفض هرمون التستوستيرون الذكري، لكن أهميتها السلوكية لم تكن واضحة لدى العلماء. ولأن انخفاض هرمون التستوستيرون يرتبط بانخفاض العدوانية، قمنا باختبار الفرضية القائلة بأن دموع الإنسان تعمل مثل دموع القوارض لمنع عدوانية الذكور. باستخدام نموذج سلوكي قياسي، وجدنا أن استنشاق الدموع العاطفية دون إدراك الرائحة يقلل من عدوانية الذكور البشرية بنسبة %43,7. لاستكشاف ركائز الدماغ المحيطة بهذا التأثير، قمنا بتجربة شمّ الدموع على 62 مشارك قبل الدراسة في المختبر. حددنا 4 مستقبلات استجابة بطريقة تعتمد على الجرعة لهذا التحفيز. أخيرًا، لاستكشاف ركائز الدماغ المركزية لهذا التأثير، كررنا التجربة بالتزامن مع التصوير الوظيفي للدماغ. لقد وجدنا أن استنشاق الدموع يزيد من الاتصال الوظيفي بين الركائز العصبية للشم والعدوان، مما يقلل من المستويات الإجمالية للنشاط العصبي في الأخير. مجتمعة، تشير نتائجنا، مجتمعةً، إلى إن الإشارة الكيميائية المرتبطة بالدموع البشريّة تقلل من عدوانية الذكور، كما هو الحال في القوارض، وهي آلية تعتمد على الأرجح على التداخل الهيكلي والوظيفي في ركائز الدماغ الخاصة بالشم والعدوان. نقترح أنّ الدموع هي آلية واسعة النّطاق في الثدييات للحماية؛ آليّة توفر غطاءً كيميائيًّا يحمي من العدوان.

[1]  Agron S, de March CA, Weissgross R, Mishor E, Gorodisky L, Weiss T, et al. (2023) A chemical signal in human female tears lowers aggression in males. PLoS Biol 21 (12): e3002442. doi: 10,1371/journal.pbio.3002442.

رابط الدراسة:

https://journals.plos.org/plosbiology/article?id=10,1371/journal.pbio.3002442
تاروت - القطيف