آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 7:32 ص

مشكلة التمارض،، وادعاء المرض!

سلمان أحمد الجزيري

وهي حالة طبية تسمى ”اضطراب المرض الانفعالي“، وهو المرض المفتعل لخداع الآخرين، وكسب ودهم، وتنتشر الحالة بالذات بصورة أكبر بين كبار السن.

وقد يسعى البعض منهم إلى إلحاق الضرر بنفسه، لذلك فإن أغرب الناس من تجدهم يدعون المرض، وأنهم يعانون من آلام ومشاكل صحية!!

وأسوأ منهم هو من تشكي له حالك، فيستعرض لك حالته، وأنه يعاني أكثر منك!

وفي الواقع هؤلاء أصح من غيرهم بكثير، ولا يقومون بذلك إلا لحالة نفسية يمرون بها، لأجل كسب استعطاف الآخرين ونيل ودهم. قد يكون لمشكلة معينة قاموا بها أو لبعدهم عن أجواء الساحة عمومًا. وهناك عدد ليس بقليل يعاني من ذلك.

قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ [التوبة: آية 105] حيث استغلت هذه الظاهرة حتى الأعمال والوظائف! وفي أكثر من آية ورد تنبيه، وتحذير من هذه الحالة، والتي أكدت على الإخلاص، والتفاني ولكن للأسف البعض لا يلتزم.

ألا يعلم هؤلاء أن ذلك مرفوض، وغير مقبول شرعًا، لأن ادعاء المرض وردت فيه أحاديث كثيرة تمنع منه، ومن التعاطي معه.

وفي حديث للنبي ﷺ: «لا تتمارضوا فتمرضوا» كما أن رأي رجال الدين واضح في المسألة بأن ذلك لا يجوز شرعا.

فمثلا الموظف المدعي للمرض لا يجوز له ذلك، ولا يستحق أجرة ذلك اليوم الذي ادعى فيه المرض.

كذلك اجتماعيًا يعد أمرًا غير لائق، حيث يصنف الشخص بأنه متلاعب بعمله، مما يجعله يخسر ثقة الناس فيه، لأنه يعد كمن تعمد الكذب، من أجل أهداف دنيئة غير نزيهة، وفيها مصلحة شخصية.

والمسألة تعدت الإنسان العادي، ووصلت حتى لرجل الدين، وهذي مشكلة كبيرة يصعب حلها لأنه يتحمل وزرين!

فماذا تعمل مع من هو متشرع في أمر، وهو يعلم الإشكال فيه؟ فهو لديه إشكال في عمله، وإشكال آخر أنه يشجع الآخرين على العمل به، والغريب أن هناك من يصدقهم!

وهناك إحصائيات تؤكد ذلك، حيث تشير بحوث طبية: أن «25%» من البشر هم من يدعون الإصابة بمرض، وأن «50%» من هؤلاء من كبار السن.

ويذكر الأطباء أن أكثر من «20%» من مرضاهم ليسوا مرضى حقيقيين.

وكذلك تذكر دراسات أمريكية أن من بين كل «10» منازل توجد حالة ادعاء للمرض واحدة، كذلك أكثر «50%» من الناس لا يميزون فيما بينها، وبين الحالة الحقيقية للمريض.

ومن يدمنون ”التمارض“ يعيشون حالة من الوهم بحيث يتصور لهم أنهم مرضى، بل ويعيشون حالة من الوسواس القهري، وهي ما تعرف بمتلازمة ”مونشهاوزن“ كأن يدعي الشخص حالة معينة، أو يتلاعب بالنتائج، لأنه يسعى للحصول على رعاية دائمة.

علما بأن أحد أهم أسباب التشافي هو التغلب على المرض وعدم التفكير فيه.

وتعود أسباب الحالة إلى:

1 - تلقي صدمة في مرحلة معينة
2 - فقد أحد الأحبة
3 - فقد الثقة بالنفس
4 - الحصول على اهتمام الآخرين
5 - السعي للارتباط بالطاقم الطبي
6 - كبر السن لجلب الأبناء

وأهم وأسوء نتائجها أنها تحدث مشاكل، واختلافات بين أفراد العائلة ما بين مصدق، وبين شاك في الحالة.

وللوقاية من المرض، فإنه لا توجد توصيات طبية حقيقية له، ولكن ينصح بعدم التعاطي مع الحالة، والبعد عن التفاعل معه، وإيصال رسالة له بأي طريقة بأنه بخير، وليس لديه مرض حقيقي.

لأن من يصدقه، ويتعاطى معه يشجع على الاستمرار في الحالة أكثر، إلا أن يكون أحد الوالدين فالأفضل التعاطي معهما، وخدمتها على أكمل وجه.

نسأل الله السلامة للجميع، ولكن من يدعي المرض بلا شك عليه حساب من الله تعالى.

وليعلم هؤلاء أن أغلب من يحيط بهم يدركون خطورة وضعهم، بل يعلمون ما بهم، ولكن يسايرونهم من أجل المصلحة العامة، ليقدموا للمرضى من هؤلاء رسالة في الرحمة، والتعاطف معهم، وهي التي دعى لها ديننا الحنيف في كل أمر من أمور حياتنا.

والسلام خير ختام.