آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 6:23 م

قراء القرآن القطيفيون: القارئ مهدي رضا البوري ”الجارودية“

حسن محمد آل ناصر *

القارئ مهدي بن رضا بن محمد البوري يكنى ”بأبي عبد الباري“ من رواد القراء الكبار في المملكة العربية السعودية وخارجها، وكان لسنوات طويلة القارئ الوحيد في المحافل والندوات المقامة في المنطقة لشحة القراء حينئذ، ولد في بلدة الجارودية أكمل المدرسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية النظامية، حتى دخل شركة أرامكو السعودية مكملا اللغة الإنجليزية فيها، تربى وترعرع في بيئة دينية ولائية، نشأ محب للمجالس القرآنية والحسينية، له تشابه كبير مع صوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.

بدأ مسيرته القرآنية منذ الطفولة عاشقاً للقرآن وعمره ثمان سنوات متأثرا بالقارئ الشيخ محمود صديق المنشاوي عندما سمعه عبر المذياع، وهو يتلو سورة التوبة، وفي عام 1954 كان للقارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد تلاوة خاشعة لسور الحشر والتكوير والفجر نقلا من حرم الإمامين الكاظمين عليهما السلام ”العراق - بغداد“ وقد بهر بروعة أدائه بالذات في آية ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر: آية 21]. وهذه الآية ملكت قلبه ولسانه، فوجد أن الشيخ عبد الباسط هو القارئ المناسب لمحاكاته وتقليده، وتأثر به في بداياته؛ لأن أسلوبه سهل ممتنع وأداؤه متميز.

ولشدة إعجابه وكثرة الاستماع إليه انتابه شوق لرؤيته أو حتى أن يرى له صورة، فمن خلال مجلة ”النهضة“ التي كانت تصدر أسبوعيا من دولة الكويت وبها صفحة لبريد الفن، ويمكن من هذه الصفحة التعارف ومعرفة مشاهير القراء، فطلب عنوانه ليتواصل معه، وبعد أسبوعين تقريبا حصل على العنوان، فبادر إلى مراسلة الشيخ وكان عمره قرابة الثالثة عشر، وكان الشيخ يملك شهرة كبيرة، ولكن كان متواضعا وذو أخلاق عالية رد على رسالته رغم صغر سنه، ومما جاء في تلك الرسالة: السلام على أهل القارئ البوري وأقربائه وأصدقائه، ويتمنى أن يلتقي به على مائدة القرآن الكريم.

كان يرتب وقته بين اللعب والجد وبين الذهاب للمسجد وقراءة القرآن كان دؤوب السهر تاليا للقرآن يواصل ويعمل بحزم مَتَشَبِّث بالقرآن قراءة وتلاوة ومرارا يتعجب أبناء جيله ومرافقيه كيف يرتب وقته؟! بالخصوص حينما يمارس الرياضة ”كرة القدم“، واصل شغفه بتعلم القرآن ومتابعة البرامج الدينية التي تبث من الإذاعة المسموعة، فيحفظ مواعيدها ووقتها بالخصوص موعد الشيخ عبد الباسط.

كان يلعب في النادي كرة قدم ”لاعب وسط“ وحينما يصادف موعد أو اقتراب بث الفترة الدينية يتعمد أن يكون حارس مرمى حيث يطلب من المدرب أو كابتن الفريق ذلك ليتسنى له سماع تلاوة الشيخ عبد الباسط من المذياع الصغير الذي كان بحوزته، فكان لأدائه الخاشع سطوة على مسمعه وقلبه أجل عشق صوته الذهبي، فكون معه علاقة وطيدة والتقى به عدة مرات واستمع إليه عن قرب.

فكان بمثابة الأستاذ الذي يرشده وينصحه ويدرسه تعاليم وفن التلاوة، التقى بالشيخ عبد الباسط في أبو ظبي عام 1980 في شهر رمضان، وكان اللقاء الأول بالنسبة للقارئ البوري الذي لم يبلغ الرابعة عشر لقاء لا يوصف كان مشتاقاً لرؤيته كثيرا، وقد تكلل هذا اللقاء بالأسئلة التي تخص التلاوة والتجويد، وكان الشيخ لا يبخل ويبادر بكل شيء، ومن ضمن النصائح كيف يكون لك نفس طويل في التلاوة؟!

راح يتعلم تعلما ذاتيا علم نفسه بنفسه علم التجويد والاستماع لكبار القراء المصريين العمالقة المشهورين أمثال الشيخ محمود صديق المنشاوي والشيخ محمد محمود الطبلاوي والشيخ محمدي بحيري والشيخ علي حسن السويسي والشيخ أبو العينين شعيشع والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبد الفتاح الشعشاعي وغيرهم الكثير، ولكنه أخذ نهج الشيخ عبد الباسط في تلاوة القرآن، وقرأ أمام بعضهم، وتعلم منهم وأشادوا بتطبيقه لأحكام التجويد.

كانت بداية وأول تلاوة له في افتتاح ندوة رياضية في النادي، ثم انهالت عليه الدعوات في المحافل والمناسبات والأمسيات القرآنية في المنطقة، ومن خلال ذلك أعجب به كثير من المستمعين في البلد وخارجها وبدأت تنصب عليه الدعوات لإجراء المقابلات في القنوات المرئية والمسموعة.

قرأ القرآن في عدد من الدول ومنها: العراق وإيران ومصر وأمريكا وشارك في المسابقات القرآنية كالمسابقة الدولية «إن للمتقين مفازا» وغيرها تلفزيونيا وإذاعيا وحصل على مراكز متقدمة، وسجل في مسيرته القرآنية سبع ختمات وهي كالآتي: ختمتان قرآنية مرتلة برواية حفص، ثلاث ختمات قرآنية مجودة برواية حفص، ختمة قرآنية مجودة برواية ورش، ختمة قرآنية مجودة برواية الدوري.

وله نشاط واهتمام ملحوظ في تعليم وتدريس فن التلاوة والتجويد في المجلس القرآني ”قراء الجارودية“ يعلم التجويد والقراءة الصحيحة ودروس ولمحات مبسطة عن المقامات وكل ما يتعلق بعلوم القرآن في ليالي الجمع على فترتين الأولى لتعليم الصغار والفترة الثانية الكبار. فجزاك الله خير الدنيا والآخرة وبارك الله جهودك وشكر الله سعيك وجمعك الله مع محمد وآل محمد أيها الأستاذ والقارئ الفاضل.