آخر تحديث: 9 / 5 / 2024م - 12:28 ص

مطالبة للاقتراب من قضايا المجتمع

فنانان: الفن خلاصة التجربة الانسانية ويسهم في تنمية الوعي

جهات الإخبارية تصوير: مالك سهوي - القطيف

شدد فنانان على اهمية تسخير الفن في خدمة المجتمع الانساني، مشيرين الى أن الفن ينمي الوعي، مؤكدين، أن العلاقة بين الفن وقضايا المجتمعات علاقة تفاعلية، فالفنان يستل فكرته من مجريات الواقع، ويحولها مرة أخرى للمجتمع في صورة معبرة للمشكلة أو للخروج من محنته.

كميل المصلي و محمد سلمان الصفاروقالا في ندوة بعنوان ”دور الفن في التواصل الإنساني“ بمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف، ان هناك عاملين أساسيين لإبراز إنسانية الفن هما، تفاعل الفنان مع الحالات الانسانية والمجتمعية وتجسيدها في ابداعات فنية تبرز المعاناة وتقدم المعالجات.

ولفتا العامل الآخر هو تجاوز الفنان للزمان والمكان والتفاعل مع المجتمعات والثقافات المتعددة لدى الشعوب، لينتقل العمل الفني إلى تفاعل متبادل بين الجمهور ومبدعي تلك الفنون.

واستعرض الدكتور كميل المصلي «عضو مؤسس للجمعية السعودية لتحليل الصراعات وبناء السلام وهو عضو بجماعة فناني القطيف» بعض اللوحات لفنانين عالميين في هذا المجال من بينها لوحة للفنان ”بيكاسو“ التي رسمها على أثر الاجتياح الألماني لمدينة ”جيرنكو“ في العالمية الثانية.

وقال بأنها اللوحة التي فتحت له أفقاً في المضي قدماً لدراسته، مشيدا بالفنان سيلفادور دالي الذي وصفه بالعبقرية وتميزه بالقراءة الجريئة للواقع ومنها تنبؤه بالحرب الأهلية عام 1937.

ولفت لتأثره منذ طفولته بإحدى اللوحات من انتاج والده حول حرب الخليج الثانية، مدللاً بذلك على قدرة الفنان في صنع المعاني، وتحويل احداث الواقع إلى أعمال فنية تؤسس لأفكار كبرى وأهداف إنسانية في الحياة العامة.

كميل المصلي و محمد سلمان الصفاروأشار الدكتور المصلي إلى صعوبة البحث في العلاقة بين الفن وحل الصراعات لقلة الدراسات حول ذات الموضوع، وهذا ما يجعل للدراسة التي اشتغل عليها أهمية.

وأفاد بأن بعض البحوث ذكرت أنه في القرن التاسع عشر بدأ الالتفات في فرنسا لدور الفن في القضايا العامة، بيد أن ازدياد الصراعات البينية داخل الدول وسع الاهتمام لإعطاء الفن التشكيلي والموسيقى دوراً أكبر في حل الصراعات وذلك منذ التسعينات أواخر القرن الماضي.

واكد أن العلاقة بين الفن وقضايا المجتمعات علاقة تفاعلية فالفنان يستل فكرته من مجريات الواقع، ويحولها مرة أخرى للمجتمع في صورة معبرة للمشكلة أو للخروج من محنته.

ولفت المصلي بأن الابداع في حل الصراعات البينية من خلال الفن يأتي من خلال تفعيل واستثمار بعض القيم والفنون المشتركة بين المتنازعين والاستفادة منها كوسيلة لتخفيف حدة الصراع والتأليف بينهم، كفنون الفلكلور الغنائي الشعبي.

وتطرق الدكتور المصلي إلى النظرية الموضوعية في الفن التشكيلي للمفكر ”إيتراند“ والتي استند إليها المصلي في دراسته للبرهنة على وجود العلاقة بين الفن والتأثير في الصراعات والتقريب بين المجتمعات، حيث قام بمناقشة وتحليل أعمال مجموعة من الفنانين المهتمين بقضايا السلام منهم البحريني عباس الموسوي والسعودي عبد الناصر غارم والمنتج بوليفيك آرتست وآخرون مستعرضاً بالشرح بعض أعمالهم.

كميل المصلي و محمد سلمان الصفاروبين انه استنتج بعد ذلك ستة مراحل تمثل دور الفنان في حل الصراعات وبناء السلام هي مرحلة الملاحظة وجمع المعلومة، ومرحلة تحديد المشكلة، ثم مرحلة الانعكاس واكتشاف الأسلوب الفني المناسب لتجسيد الفكرة، ثم مرحلة الحس القيادي، واخيراً مرحلة تأثير الفنان في الواقع.

وتناول المخرج السينمائي محمد سلمان «رئيس سابق لجماعة الأفلام بنادي الفنون بالقطيف، عضو مؤسس لمجموعة ”آفان“ الفنية» مفهوم التواصل الانساني وكيف يمكن أن يحقق الفن تواصلاً انسانياً؟ مجيباً إنه لا يمكن أن يبرز دور الفن الإنساني بأشكاله المتنوعة إذا كان محصوراً في دائرة الفنانين بعضهم ببعض.

وأشار إلى مشكلة موقعية الفن والفنانين لدى المجتمعات فبعضها يمثل فيها الفن حالة شعبية، ومجتمعات أخرى يغيب عنها الوعي بأهمية ودور الفن.

وأعتبر ذلك موضوعاً خارجاً عن الاهتمام لاعتبارات دينية، في حين أن لغة الفن من أرقى وسائل التواصل الانساني.

وحمل الفنانين مسئولية تفشي هذه النظرة القاصرة للفن لدى بعض الشعوب، داعياً المبدعين في الفنون المختلفة للاقتراب اكثر من هموم وقضايا المجتمعات والتي قد تكون هامشية كبعض المهن أو بعض الشرائح الاجتماعية والتي تحتاج لتسليط الأضواء على همومهم ومعالجة مشاكلهم.

وأشار إلى تجربته في هذا السياق واصفاً إياها بأنها تنتمي إلى واقع البيئة المحلية.

وتطرق محمد سلمان إلى شرح علاقة الفن بالوجود الانساني قائلاً بأن الفن هو خلاصة التجربة الانسانية في المجتمع، فالفنان ينتج العمل الفني نتيجة اداركه لما حوله وهو محصلة خبرة انسانية تفاعلية.

وافت الى انه بمثابة مرآة لأي مجتمع او وجود بشري نستطيع من خلاله فهم وتحليل بيئته، وهي وسيلة وجدت مع الانسان البدائي الأول من خلال الرسم داخل الكهوف ثم تقدمت مع تطور الانسان.

وأشار إلى تأثير ثورة الاتصالات التي جعلت من الفنان ”معولماً“ أي لم تعد قضاياه المحلية والخاصة شغله الوحيد.

وأوضح بعض إيجابياتها فقد أتاحت للفنان توسعا في الابداع والانتشار بلا حدود جغرافية، كما سهلت دور الفن في التواصل بين اصحاب المجتمع الواحد وبين شعوب العالم.

وبين انها حملت الفنان مسئولية أكبر في الانتقال بالفن من حالة الفن من أجل الفن إلى تبنيه قضايا حياتية تهم كافة المجتمعات، وباختلاف المدارس والاساليب الفنية المتغيرة بحسب الزمان والمكان.