آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 5:05 م

التعليم عن بعد مرآة المستقبل

حسين محمد آل ناصر *

فرضت جائحة كورونا نفسها كضيف ثقيل لم يأت عنوة فحسب بل قلب نمط حياة الناس رأسا على عقب، وكان لابد للمؤسسات والقطاعات من جهة والأفراد من جهة أخرى أن تواجه مصيرها الجديد وواقعها غير المألوف.

ولعل من أكثر القطاعات تأثرا بالإضافة إلى القطاع الصحي هي المؤسسات التعليمية التي ضاقت بها السبل فصارت أمام مصيرين لا ثالث لهما فإما أن يكون التعليم حضوريا بالطريقة التقليدية وإما أن يكون بطريقة بديلة وغير حضوري «عن بعد».

ولأن تبعات التعليم الحضوري في المرحلة الحالية والأشهر القادمة قد تكون خطيرة كان لابد للتعليم عن بعد أن يقول كلمته ويكون حاضرا ومتصدرا من أجل حماية أرواح الناس والمحافظة على صحتهم، كما أن تجارب التعليم الحضوري لم تكن ناجحة بالقدر الذي يشجع على استمرارها في ظل قلق عالمي بين مطرقة تحور الفيروس من جهة وسندان توفر اللقاح من جهة أخرى، وجاء التعليم عن بعد حينئذ ضرورة وليس ترفا.

لا يعد التعليم عن بعد مفهوما جديدا فقد مر بأجيال متعددة نما فيها وتطور وتقدم تقدما ملحوظا مستخدما تكنولوجيا الاتصالات بشكل يسمح للمتعلم بالتفاعل في العملية التعليمية.

ورغم الانفصال بين المعلم والمتعلم والبعد الزماني والمكاني بينهما ووجود عقبات أخرى متعددة في هذا النمط من التعليم، إلا أنه قد ازداد الإقبال عليه بشكل مطرد ووضعت حلول للتعامل مع تلك العقبات منها ما يعرف بالاتصال المتزامن والاتصال اللامتزامن أيضا مما طور من طريقة التفاعل بين المعلم والمتعلم من جهة والمتعلمين فيما بينهم من جهة أخرى.

لقد منح التعليم عن بعد فرصة ذهبية للالتحاق بالدراسة في المؤسسات التعليمية التي لا يمكن القبول فيها بسبب القدرة الاستيعابية المحدودة لها فساهم في تغطية هذا النقص وسد الحاجة لكثير ممن يرغب في متابعة تعليمه، بالإضافة إلى أنه أفسح المجال لدخول الصغار والكبار، الرجال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين لم يغفلهم أيضا.

كما ساهم التعليم عن بعد في خفض تكاليف التعليم ونفقاته، مما يعد دافعا لكثير من منخفضي الدخل بمواصلة تعليمهم وتحسين دخلهم.

ولأن كثيرا من العاملين والموظفين لديهم شغف لمتابعة تعليمهم إلا أن ظروف العمل تمنعهم من الحضور للجامعات، وجاء التعليم عن بعد على طبق من ذهب فاتحا أمامهم الأبواب من أوسعها لمواصلة الدراسة خارج أوقات عملهم.

سجال عقيم وحرب شعواء تدور ين محارب للتعليم عن بعد ومقاوم له وبين من يدعو لفتحه على مصراعيه وجعله الوسيلة الدائمة للتعلم، وسؤال يلوح في الأفق، من المنتصر؟ إنه القارئ للمستقبل.

أخصائي نفسي أول - ماجستير علم النفس الاكلينيكي