آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 4:17 م

هل في داخل كلّ عالِمٍ أو مفكّر، مهما ارتقى، «عاميٌ» طيّبٌ بسيط؟!

الشيخ حيدر حب الله *

في كثير من الأحيان لا نستغرب عندما ندرك أن في داخل أغلبنا، وربما كلّ واحد منّا، مهما بلغ من العلم وارتقى في العقل والفكر والمعرفة والخبرة في مجال أو مجالات، وبخاصّة المجالات الدينية وأمثالها.. لا نستغرب أنّ بداخله يظلّ هناك طفل صغير أو إنسان «عامي» طيّب وبسيط وعاطفي وعفوي مثقَل بمؤثرات التربية أكثر من سلطان العقل.

في بعض الأحيان، ولو القليلة، ينهض هذا «العامي» البسيط ويستيقظ ويدير الدفّة ويحرك الموقف، ويفرض على كلّ تراكمات العقل والمنطق والخبرات طريقتَه ونتائجه ولغته.

هذا ما يبدو لي وأنا أطالع أو أستمع لحوارات دينية ومناقشات يغيب فيها العالم المفكّر الفقيه والمتكلم و.. ليظهر على شفاهه أو في ثنايا كلماته وكتاباته ذلك «العامي» البسيط الذي يتجاهل قواعد المنطق ويتحرّر منها في لحظة عاطفةٍ أو انتماء أو هويّة.

يتمرّد هذا الطفل أو «العامي» على العقل الكبير الذي يجلس إلى جانبه في نفسٍ واحدة، ويرى في ذلك العقل والمنطق تهديداً لمشاعره وعواطفه وما اعتاده.. صراعٌ بين شخصيّات ظننّا أنّنا مررنا بها في فترات عمرنا وفارقتنا بعد كل حقبة زمنيّة، لكننا نكتشف أنّها ما تزال موجودة، ولو مختبئةً في داخلنا، تأخذ دورها في لحظةٍ هنا أو هناك.

لا أتحدّث هنا عن العالم الذي يتكلّم بلغة «العوام» خضوعاً لهم أو خوفاً منهم أو طمعاً بما عندهم، بل أقصد فكرة أخرى تقرأ «عوامية» هذا العالم أو ذاك من داخله، لتكتشف أن في الأعماق يتربّع «عامي» يحظى بقدرٍ من النفوذ في بعضٍ، ولو قليل، من الأحيان.

مفكر لبناني