آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 9:01 م

بِرِضَاهُمْ تَحْلُو الْحَيَاة

سوزان آل حمود *

مرت عَلَيَّ ليالي كُنت أشهق فيها من كثرة البُكاء، راودتني أفكار مُفزعة، هجرني النوم، بعد فراق أمي، أكل الحُزن قلبي في صمت، ضاقت الأيام بي ذرعًا ومن ثِقْلهَا ظننت أنها ستودي بي؛ كما أخذت أمي ستأخذني لكن ثمة شيء ما بداخلي كان مُطمئِن، كان يثق أنها ستمُر دون ضرر أو ضرار، أن رحمة الله أوسع من كُل هذا اَلْحُطَام. تذكرت وصية أمي بأن أظهر كتاباتي للنور وأفيد الآخرين بمواهبي اليوم؛ وبيقين ناسك مُتَعَبِّد أقول: ”والله لن تخذُلك اَلدُّنْيَا وبين ضلوعك قلب مُتعلق بالله“.

فَالْحَمْد لله على حُزن يؤلم القلب؛ لكنه يوقظُه، اَلْحَمْد لله الذي يُعاملنا برحمته ليس بذنوبنا، يغفر لنا وإن كُنا لا نستحق، يرحمنا ونحن من ظلمنا أنفُسنا. اَلْحَمْد لله الذي يخشى علينا من ظُلم أنفسنا؛ فيؤدبنا بالابتلاء. اليوم وأنا أرى كتبي ورواياتي بين أيدي الناس الفرح يحتضنني والاعداد التي تحضر دوراتي وندواتي أسعد سعادة لا حدود لها وهذا الفضل بعد الله يعود لِوَالِدِي وتحفيز أمي ودافعتيها لي للإقدام على الأمر بلا تردد وانهزام فكانت بحق مشعل النور في حياتي.

أمي لم تكتب الشعر يوما ولا الأدب، وما سهرت الليالي تقرأ الكتبَ ولم تكن من مُحبي الأموال لجمعها،

لم تكنز الدر والياقوت والذهب لكن كنزت لنا مجداً وتلاحماً نعيش به، فنحمد الله من للخير قد وهبَ.

أضحى فؤادي وادياً ضم قافيتي،

ودمع عيني على الأوراق قد سكب َ

سأنضم الشعر عرفاناً بفضلكِ،

يأمن عشتِ حياتكِ تجني الهم والتعبَ

سأنضم الشعر مدحاً فيكِ منطلقاً،. يجاوز البدر والأفلاك والشهب َ

إن جف حبري بأرض الشعر،

ماجف نبع الوفاء في القلب أو نضبَ

قالوا: أليس مبالغةً ما قلتِ؟! فمن تعني بشعركِ ذا؟

فقلت: أعني أمي جنة الدنيا رحمة الله تشملها أنعم بها من أم

وكان لي أب يسعى في الصباح

ولا يعود إلا وضوء الشمس قد حُجِبَ

تقول أمي: صِغار البيت قد ناموا ولم يروك انمضي عمرنا نصبَ؟

يُجيب: أني سأسعى دائماً لأرى يوماً صغاري بدوراً تزدهي أدبَ

ما شعري اليوم إلا من وميض أبي، لولاه ما كان هذا الشعر قد كُتِبَ

فهو أول من للعلم أرشدني منذ كنت طفلة ولم يكن مُعلِمَ

ولم يكن أبي فاحش الثراء لكن بخير نكون السادة اَلنُّجَبَاء

فالمال لن يُعلي الإنسان منزلة، إن لم يكن بالمزايا يرتقي السحبَ

لقد عُرِف أبي للخير في كرم، يا منبع النبل فلتهنا بذا النسبَ

نصحتنا ما أحلى النصح يا أبتي، فأنت مدرسة في النصح لا عجبَ

رحمك ربي رحمة واسعة، تركت مكانة وسمعة يُميت الحاسد غضبَ

أمي وأبي برضاهما تحلو الحياة، وتحصد رضا الله وتفوز بأعلى الرتبَ

ربنا احفظ لنا ديننا وارحم واغفر لِوَالِدِي وإخوتي وأُناس حبهم وجبَ