آخر تحديث: 15 / 5 / 2024م - 4:26 م

Stop the deliberate destruction of our marine environment

أوقفوا تدمير بيئتنا البحرية المتعمد

صورة توضح حجم التلوث البيئي وحجم النفايات الملقاة عليها وأثرها على تدمير أشجار القرم «4 ديسمبر 2021»

كنت في جولة ساحلية في شمال جزيرة تاروت وهالني ما رأيت من تدمير متعمد للبيئة البحرية وبالأخص أشجار القرم وللأسف ومباركة من جهات رسمية. هذه الشجرة التي كانت قبل خمسة عقود «50 سنة» غابات تملأ سوحلنا من الدمام مرورا بسيهات والقطيف وصفوي إلى راس تنورة والناظر اليها كأنه ناظر إلى غابات الأمازون البرازيلية الكثيفة والتي كانت تمتد لعشرات الكيلو مترات وعلى مد البصر.

كانت هذه الأشجار تبعد عن منزلي لعدة مئات من الأمتار وعندما كنت صغيرا كنت اذهب وزملائي ونخوض في الوحول والممرات المائية الجميلة التي بين هذه الأشجار.

كانت الحياة البحرية تضج بالحياة فالأسماك بأنواعها والسلاحف وسرطانات البحر والرخويات والقواقع واعشاش الطيور تلقى المأوى الامن بين ممراتها المائية واغصان وجذور هذه الشجرة المباركة فكانت جنات طبيعية بكر لم تمسها يد الانسان بعد بجشعة وعدوانيته فكل شيء في ذلك الوقت كان يعيش في بيئته بسلام وانسجام فكانت البيئة متوازنة ويصحح بعضها البعض.

عندما جاءتنا ما سمي بالطفرة «او الطفرة البترولية» وهو المصطلح الذي يشار له للفترة الواقعة بين 1969 إلى العام 1980 في المملكة حيث ارتفعت المداخيل النفطية للدولة مما تسبب في طفرة اقتصادية قوية كان لها الأثر الكبير في تطور التعليم والصحة والصناعة والتوسع العمراني والوفرة المالية عند الناس والكثير الكثير من جوانب الحياة ولكن كان لها أيضا اثر سلبي اذى إلى كوارث بيئية بسبب جهل وجشع الانسان وعدم وعيه البيئي وساعد في ذلك أيضا المشاريع التوسعية للطرق والتوسع العمراني والمدن الذي كان له أكبر الأثر على العبث البيئي فقد دمر ما يقارب من 85% من الأراضي الزراعية النخيل وما يقارب 90% من البيئة البحرية وبالأخص أشجار المانجروف وما يتبعها من الحياة الفطرية والسمكية حيث اخدت الأسماك تنفق من وقت إلى اخر وفقدت الطيور الاصلية اعشاشها وانقرض الكثير منها ولم يعد لنا رؤيتها بعد الان.

تبين الصورة مدى كثافة أشجار القرم وعلى مد البصر. مصدر الصورة: www.alriyadh.com

صورة جوية للقطيف صورت في عام 1969 وتبين كثافة النخيل التي تحيط بالقطيف وكأنها الغابات الخضراء الموجودة في المناطق الاستوائية

هذه الصورة صورة لأشجار القرم في السبعينات قبل الزحف العمراني الذي دمر أكثر من 90% من هذه الأشجار ومازال التدمير قائم حتى هذا اليوم

هذه اللقطة تبين هذا المبنى التاريخي المتبقي من القلعة وتبين أشجار القرم التي كانت موجودة بكثافة بالقرب منه

كنت أقوم ببعض البحث على الانترنت ووقع في يدي بعض الدراسات الاكاديمية ولكن ما لفت انتباهي دراسة اكاديمية قام بها مجموعة من الطلبة من جامعة الدمام قسم الاحياء لكلية البنات للعلوم وبعنوان ”تدهور أشجار القرم في خليج تاروت بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية“ والتي نشرت في شهر فبراير من عام 2013م في موقع ”http://www.awkum.edu.pk/PJLS/“ ولقد ارفقت صورة من هذه الدراسة في المصادر للتاريخ وللباحثين حيث بينت الدراسة ان خليج تاروت يعتبر اهم موقع بيئي لاحتضان أشجار القرم في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية والخليج حيث انه حاضن لأكثر من 58000 طائر بحري مهاجر «من كل الأنواع» سنويا خاصة في موسم الشتاء والدي تعرض لضغوط بيئية قاسية من التلوث والاستغلال الحضري والذي إذا استمر سيكون عبئا بيئيا ولن يكون مصدرا للأسماك أو حتى يكون ممرا للطيور المهاجرة وسيختفي الغطاء النباتي للاختلافات الطبيعية فقد تسببت البنية التحتية والتوسع العمراني خلال ال 30 سنة الماضية وعلى سبيل المثال الصور المأخوذة بالأقمار الصناعية بين عامي 1973-1987 تين ان مساحة الغطاء النباتي لشجرة القرم كانت 196,91 هكتارا وتقلصت إلى 63,05 هكتار بين عامي 1987-1997 على التوالي أي ان ما نسبته 58% قد دمر تماما حيث يبلغ حجم الدمار والخسارة الكلية من مساحة أشجار القرم إلى 259,96 هكتارا خلال ال 24 سنة من تلك الحقبة وهذه تعتبر كارثة بيئية بكل المقاييس حيث ان الدراسة ارادت قرع أجراس الخطر البيئي وان تجد السبل إلى الحفاظ على ما تبقى من هذه الأشجار. والصور الفضائية التالية التي اخدت في عام 1972,1985,1991، و2011 على التوالي وتبين مواقع الدراسة وحجم التأكل الساحلي وحجم الكارثة البيئية وانضمار المساحة الخضراء لهذه الشجرة المباركة:







وعزت الدراسة إلى عدة أسباب منها:

• التلوث البيئي ووجود الكثير من مخارج انابيب البيارات التي تضخ النفايات الادمية بالقرب من هذه الأشجار مما كون مستنقعات أدت إلى نفوق الكثير من هذه الأشجار والحياة الفطرية.

• رمي النفايات وعدم الاهتمام بتنظيف البيئة المحيطة بها.

• التلوث النفطي في حقبة حرب الخليج في عام 1991.

• التوسع الحضري الذي اتلف الكثير من مساحة أشجار القرم.

للأسف نحن الان نقف عند نهاية عام 2021 ولم تتخذ الجهات ذات الصلة أي خطوات عملية ملموسة للحفاظ على تبقى من هذا الغطاء البيئي الأخضر بل زادت المشاريع والتوسع الحضري على حساب هذه البيئة فما يزال يدمر يوميا الكثير والكثير باسم التوسع الحضري ففي الفترة الواقعة ما بين عام 1997 ونهاية 2021 يفوق ما دمر على ما سبق لهذه البيئة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك من هيئة بيئية رقيبة تقف في وجه هذا العبث المتعمد ويقول كفى وهل هناك من رجل بصير يحب وطنه ومستقبل أولاده وأحفاده ويوقف كل هذه المشاريع التطويرية التي تمس البيئة من اجل مستقبل أفضل واستبدالها بمشاريع تحافظ عليها وتصونها.

أليست هذه المشاريع التطويرية تخالف رؤية 2030 والتي دعا اليها سمو ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان حفظة الله ورعاه والتي تولي المحافظة على البيئة جل اهتمامه وجعل مملكتنا خضراء.

أليست الهيئة العامة للبيئة للمملكة العربية السعودية قد سنت القوانين للحفاظ على الحياة البحرية والثروة الحيوانية السمكية حيث بينت في ميثاقها انها ”تؤمن المملكة بأهمية الحياة البحرية وقد تبنت استراتيجيات وسياسات للحد من أي تدخل في النظام البحري. وقد أصبح ذلك ممكناً من خلال اعتماد الإستراتيجية الوطنية للحفاظ على التنوع البيولوجي في الممالك، والتي تأسست عام 2005، والتي تهدف إلى ضمان الحفاظ على التنوع البيولوجي وتنميته من خلال دراسة الوضع الحالي للتنوع البيولوجي، والتهديدات التي تواجهها، وسبل الحفاظ عليها وتطويرها“ وان هناك الكثير من المبادرات للحفاظ على الحياة البحرية وأسست هذه المراكز لهذا الهدف:

• مركز بحوث المصايد.

• كلية علوم البحار بجامعة الملك عبد العزيز.

• الجمعية السعودية للاستزراع المائي.

• مركز بحوث الثروة السمكية بجامعة الملك فيصل.

• مركز أبحاث البحر الأحمر بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا.

• تصنيف الثروة الحيوانية البحرية في المملكة

• تنوع الزواحف والبرمائيات.

• تنوع الأسماك البحرية.

• تنوع اللافقاريات البحرية.

أليس في عام 2016 تم تبني عمل مشروع منتزه تاروت باي البيئي لأشجار القرم والأقرب تبنته أرامكو السعودية حيث كان من المفترض تطوير حديقة بيئية جديدة ربما هي الاولي من هذا النوع في المملكة العربية السعودية. كان من المفترض أخذ هذا المشروع في الاعتبار جدوى تطوير حديقة بيئية داخل مناطق القرم على الساحل الشمالي الشرقي للمملكة العربية السعودية حيث تضمنت المقترحات سلسلة من الممرات الملتوية والمتقاطعة التي تربط جلود الطيور ونقاط المشاهدة ومناطق الجلوس، والتي من شأنها أن تسمح للزوار بالوصول الآمن والاستمتاع بالتنوع البيولوجي الغني لأشجار القرم ولكن هذا المشروع كان من المفترض تنفيده ولكن كمية النزيف البيئي الذي حل بالمنطقة ربما أدى إلى الغائه واستبدله بالمنتزه البيئي لأرامكو السعودية والواقع في راس تنورة الان.


المصدر: http://www.therichardspartnership.co.uk/project/turat-bay/

اكتب هذا المقال كمواطن ولد عاش وترعرع وتعلم في هذا الوطن المعطاء الدي احبه وحبة يسري في عروقه ومن باب حرصه الشديد للمحافظة على ما تبقى من هذه البيئة النادرة التي تتمنى الكثير من الدول وجودها على شواطئها.

وانا الان اناشد المسؤولين في المحافظة والمجلس البلدي وكل الهيئات البيئية التي لها شان ان يوقفوا هذا الهدر وهذا الدمار الذي حل لهذه البيئة لمستقبل الوطن ولمستقبل أولادنا واحفادنا جميعا فالذي ذهب لا يعوض ولكن على الأقل نوقفه ونوقف كل المشاريع التي تتعدى على البيئة واستبدالها بمشاريع تحافظ على البيئة كما دعا لها سمو ولي العهد حفظه الله ورعاه في رؤيته 2030 وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق ومحاسبة كل من كانت له يد في تدمير هذه البيئة واستحداث وإقامة مركز أبحاث يقوم علية نخبة من المتخصصين في مجال البيئة البحرية وإيجاد السبل لأحياء ما قد دمرناه ولو تدريجيا وتوسيع رقعته في أماكن جديدة يتم استحداثها.



























التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
ابو علي
[ القطيف ]: 8 / 12 / 2021م - 9:53 م
الف شكر على هذا المقال الجريئ ونحن بحاجة الى توعية بيئية من قبل الجهات ذات الصله وذلك لوقف هذا النزيف البيئي الذي لم يبقى منه الا القليل من اجل اولادنا واحفادنا وكثر الدق يبطل الحديد
2
ابو محمد
[ القطيف ]: 8 / 12 / 2021م - 11:28 م
سلمت اناملك يا مهندس نحتاج الى مثل هدة المواضيع
3
مسعود
[ تاروت ]: 9 / 12 / 2021م - 6:30 م
ولازال التدمير مستمر في البيئة البحرية الغير مرئية بالعين وهي البيئة البحرية القاعية التي تحوي الشعب المرجانية الركن الثاني لتكاثر وغذاء الأسماك بعد أشجار المنجروف حيث يتم هذا التدمير من قبل العمالة الأجنبية وبالخصوص في وقت الظلام باستعمال وسائل صيد ممنوعة وهي شباك الجر القاعي لصيد الأسماك الصغيرة وكالعادة لا حسيب ولا رقيب!!!