آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

السيد راضي صالح الحداد: إضاءة براقة

علي محمد عساكر *

مساء يوم الجمعة «ليلة السبت» 13 جمادى الأولى 1443 هـ  17 ديسمبر 2021م، شرفنا السيدان العزيزان الكريمان «السيد محمد حسن الحداد، والسيد راضي صالح الحداد» بزيارتهما الجميلة، التي أبهجت القلب، وأسعدت النفس.

بزيارتهما المشكورة هذه أضحت تلك الليلة مضيئة كالقمر، وفي الجمال بحسنه وبهائه وجماله، إذ أصبحت ليلة أنس وسمر، حيث قطعنا شوطا من الليل في الأحاديث الشائقة، نقتطف من ثمرات حوارنا المتنوع الجميل كل ما هو جامع بين المتعة والفائدة، ونحن نتنقل من الأحاديث الأخوية الودية العامة، إلى الشأن الأحسائي على أكثر من صعيد وصعيد، ومنه إلى المجال الفكري والثقافي، الذي قادنا إلى الحديث عن الكتابة وجمالها، والكتّاب ودورهم الريادي في إثراء الحركة العلمية والثقافية والأدبية.

وبحكم تخصص السيد راضي في «إدارة الأعمال والاستثمار» كان من الطبيعي جدا أن يأخذنا الحديث إلى الشأن الاقتصادي، لنستفيد من خبرات «السيد الراضي الصالح» الطرق المثلى للاستثمار، وكيفية تطوير الحالة الاقتصادية خصوصا للشباب، إلى أن أزف الوقت واضطر السيدان للمغادرة بعد أن أمضينا وقتا هو من أجمل الأوقات، وبعد أن تشرفت بإهداء «السيد راضي» بعض مؤلفاتي المطبوعة، والتقطنا بعض الصور التذكارية الرائعة.

والذي أظنه أن السيد محمد الحداد معروف للجميع لما له من حضور ثقافي، ونشاط اجتماعي قوي وفاعل في أكثر من مجال ومجال، فهو كالنحلة في العمل، لا يكل ولا يمل، ولا تكاد تفقده ساحة من ساحات العمل والثقافة والعطاء.

والحق أن السيد راضي لا يقل عنه حضورا وتميزا وعطاءً، فهو شخصية اجتماعية وعلمية «في المجال الاستثماري» جدا متميزة ومرموقة، إضافة إلى ما يملكه من رصيد ثقافي غزير ومتنوع، وما يتحلى به من أدب راق، وما هو عليه من خلق عظيم.

ولكن ربما لا يعرفه البعض منّا لعدم بروزه في ساحتنا الأحسائية الغالية لعدم تواجده في الأحساء بحكم عمله ومسؤولياته الكثيرة والكبيرة خارجها.

ولذا لا بأس أن أسلط الضوء على شخصيته من خلال هذه الأسطر المضغوطة، ليس بقصد الترجمة له، والتعرض لسيرته بالتفصيل، فذلك يحتاج إلى صفحات كثيرة، إضافة إلى أنه يحتاج إلى اطلاع أوسع على سيرته، وهو ما لا يسمح به الوقت، ولا تساعد عليه المشاغل.

ولكن انطلاقا من قاعدة «لا يترك الميسور بالمعسور» سأكتفي بهذا الأسطر البسيطة، لتكون بمثابة «الإلماعة البراقة» عن شخصه الكريم، والتي آمل أن تعطينا صورة واضحة المعالم عنه وعن بعض أعماله واهتماماته.

الاسم والولادة والنشأة:

ينتمي سيدنا الجميل إلى الأسرة النبوية، التي هي أشرف الأسر وأعظمها على الإطلاق، فهو السيد راضي بن السيد صالح بن السيد رضي الحداد، من مواليد مدينة «الهفوف» عاصمة أحسائنا الغالية، ووجها الحضاري، وذلك سنة 1382 هـ .

وفي ربوعها الزاهية، وبين أشجارها الخضرا، ونخيلها الباسقة، نشأ وترعرع في كنف وتحت ظل ورعاية والده الكريم، الذي كان موصوفا بالإيمان والتقى والورع، ومتحليا بمكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب، التي ملك بها القلوب والأرواح حتى أصبحت الأفئدة تهوي إليه، وأصبح مجلسه العامر كعبة للزائرين والمحبين لا سيما في المناسبات والأعياد.

وقد أثنى الأخ العزيز والصديق الجميل السيد الدكتور عادل الحسين على السيد صالح الثناء العاطر، وذكره بكل ما هو حسن وجميل، وذلك في كلمته التأبينية للسيد صالح، الذي وافاه الأجل المحتوم يوم الثلاثاء 6 جمادى الأولى 1439 هـ  22 يناير 2018م، والمنشورة في «موقع المطيرفي» بتاريخ 22 يناير 2018م، ومما قاله الدكتور عادل في تلك الكلمة: «لقد كان السيد صالح مثالا للإنسان المؤمن التقي، والكريم المتواضع، لقد اتسم بالخلق الرفيع بعفوية، وعلى سجيته وبساطته، ومن غير تكلف.

رأيته يتعامل مع جميع أفراد المجتمع بأريحية وبساطة، ولا يفرق بينهم في التعامل، تجد في مجلسه الفقير والغني، والعالم والعامي، والمثقف والبسيط، والقريب والبعيد، والصغير والكبير، كان يرحب بالجميع وبأفضل وأرقى كلمات الترحيب.

تجد آثار الإيمان على لسانه وفي سلوكه على حد سواء، كما تجدها ظاهرة على وجهه في بشاشته ودماثة أخلاقه، فهو لطيف المعشر، ورقيق في تعامله، ومشهور بحسن أخلاقه.

وعُرف عنه البذل والكرم إلى حد كبير، عندما يدعو شخصا إلى بيته لا يقولها مجاملة، بل كان يعنيها بكل جدية، وتجد ذلك في إصراره على الشخص في مرافقته إلى منزله، وإذا اعتذر الشخص منه لارتباطه أو لانشغاله، كان يصرّ عليه أن يحدد الوقت المناسب ليقوم بحسن الضيافة له، وهذا الأمر حصل لي عدة مرات، بحيث كنت من الصعب أن أتخلص من دعوته الكريمة.

اتسم السيد صالح رحمه الله أيضا بالتواضع الجم مع جميع أفراد المجتمع دون استثناء، لذلك كسب قلوب الناس.

لا أبالغ إذا قلت: إذا أردت أن تقابل شريحة كبيرة من أهالي الأحساء - من مدنها وقراها - فاجلس في مجلسه يوم عيد الفطر المبارك لسويعات قليلة، سوف تجد عددا كبيرا من الناس تهوي إلى داره لتقدم له التبريكات والتهاني بعيد الفطر السعيد»

وفي المجال التربوي الأسري فقد اهتم السيد صالح بتربية أولاه وبناته على التقوى والصلاح، وغرس في قلوبهم حب القيم الفاضلة، والأخلاق الكريمة، حيث كان في كل يوم يرفع لهم علما من أخلاقه ويأمرهم بالاقتداء به، وقد أثمرت تربيته وآتت أكلها بإذن ربها، فخرج الفرع على أصله، وأشبه الأبناء أباهم، حتى أكد الدكتور عادل في كلمته المشار إليها أن أولاده جميعهم «وعلى رأسهم السيد راضي» قد تأثروا بأبيهم، واقتدوا به، وساروا على نهجه، إلى حد أنك «تجدهم جميعًا قد شربوا وتغذوا من معين أخلاقه وتواضعه وكرمه وحسن تعامله»

«وهذه نعمة عظيمة حظي بها هذا السيد الجليل بأن كان له أولاد صلحاء يدعون له وينهجون منهجه»

الدراسة والتعليم:

تدرج السيد راضي في التعليم في مدارس الأحساء إلى أن أكمل مراحلها الأولى، ثم اضطرته ظروف الدراسة الجامعية، إلى أن يشد الرحال إلى عروس البحر الأحمر «جدة» ليكمل دراسته العليا في «جامعة الملك عبد العزيز» إلى أن حصل على شهادة «البكالوريوس» ومن ثم «الماجستير» في «إدارة الأعمال» بتقدير ممتاز، وكان عنوان رسالة الماجستير «العوامل التي تؤثر على الأسهم السعودية» وذلك سنة 1990م.

كما حصل على «شهادة زمالة الماليين المحليين المعتمدين» سنة 1998م، من الولايات المتحدة ألأمريكية، وهي شهادة علمية عالمية لا تعطى إلا لمن اجتاز عدة اختبارات على مدى ثلاث سنوات.

الدورات التدريبية:

ولتنمية قدراته الذاتية والعلمية وتطويرها حضر السيد راضي الكثير من الدورات التدريبية الاحترافية، ومنها:

1 - دورة تحليل المخاطر المالية Chemical Bank -، نيويورك.

2 - برنامج القيادة Columbia University -

3 - برنامج الإدارة المتقدمة INSEAD -

4 - دورة الإدارة London Business School -

5 - برنامج «إدارة المحافظ الاستثمارية» و«أسواق رأس المال الأمريكية»

6 - مؤتمر الصناديق المشتركة «AMIA» -

7 - دورة تقنيات الإدارة والتدريب «مجموعة الصناعة البريطانية»

المناصب الوظيفية:

على مدار ما يقرب من خمسة وعشرين سنة تنقل السيد راضي للعمل في عدة جهات، شغل فيها مناصب إدارية وقيادية عليا، ومن الجهات التي عمل وشغل مناصب وظيفية رفيعة فيها ما يلي:

محلل مالي معتمد The Institute of Chartered Financial Analysts في الولايات المتحدة الأمريكية 1998م.

وعمل في بنك الرياض أكثر من 20 سنة، ومن المناصب التي شغلها خلال عمله هذا:

منصب مساعد مدير أول ورئس إدارة الأصول، من مارس 1996م إلى أغسطس 1999م.

ثم منصب نائب أول لرئيس إدارة الأصول، من سبتمبر 1999م إلى سبتمبر 2003م.

كما عمل في بنك الاستثمار السعودي أكثر من 4 سنوات، وشغل منصب مدير عام المجموعة لخدمات الاستثمار والتخطيط المالي، من مايو 2005م إلى ديسمبر 2007م.

الرئيس التنفيذي Radi Consultancy

نائب الرئيس التنفيذي أكتوبر 2011م ALISTITHMAR CAPITAL

شربك والرئيس التنفيذي لإدارة الأصول لمدة أربع سنوات، من يناير 2008م إلى ديسمبر 2012م.

وأخيرا: هو الرئيس التنفيذي لمكتب راضي الاستشاري.

العضويات السابقة في مجالس الإدارة:

للسيد راضي عدة عضويات سابقة في مجالس إدارات عدة شركات، ومنها:

1 - شركة مجموعة بناوي الصناعية.

2 - شركة الخليج للرعاية الصحية الدولية - دبي.

3 - شركة علاج الطبية.

4 - شركة عجلان وإخوانه.

5 - صندوق الإجارة لبنك الرياض، وبنك الرياض الأوروبي.

أسباب توجهه إلى التخصص في المجال الاستثماري:

في حوار الأخ العزيز والصديق الجميل الأستاذ سلمان الحجي مع الأخ الحبيب السيد راضي الحداد سأله عن أسباب توجهه إلى التخصص في المجال الاستثماري، فكان جوابه نصا: «كانت العناية الإلهية سبباً في نجاحي، فأحد أسباب إكمالي لدراسة الماجستير هو رفض طلب نقلي إلى الأحساء، وسبب اختياري الاستثمار كان بسبب بحث قدمته عن الاستثمار، ونبهني المشرف على البحث بأن لدي قدرات جيدة في هذا المجال، مما جعلني انخرط فيه، وطوّرت بحثي ليكون مشروع بحث للحصول على الماجستير بعنوان: ما هي العوامل المؤثرة على سوق الأسهم السعودية»

السيد راضي مثقفا وكاتبا:

بعيدا عن التخصص العلمي للسيد راضي، فهو شخصية مثقفة بامتياز، وذلك بما يملكه من رصيد ثقافي كبير ومتنوع في الشأن الديني والاجتماعي والأخلاقي وغير ذلك، ولهذا فهو يثري الجلسات بالكثير من الأطروحات والإثارات التي تثري الجلسة وتغنيها، وتفتح آفاقا واسعة للحوار والنقاش، وتبادل الآراء والأفكار ووجهات النظر.

كما إنه شخصية واعية جدا، تجيد اقتناص اللفتات المهمة والجميلة في الحوارات، وتملك قدرة جيدة على التحليل والاستنتاج والاستخلاص، كما يلاحظ ذلك بوضوح كل من يجالسه ويستمع إلى حديثه الشائق الذي لا يمل، وتحليلاته الرائعة بما فيها من عمق ورؤية ثاقبة.

أضف إلى ذلك إنه صديق وفيّ ومخلص للقلم والقرطاس، يجيد السبك والتعبير، ويملك القدرة على تقديم المعلومة بسلاسة ووضوح، بشهادة مقالاته الكثيرة التي زادت عن الخمسين ما بين مطول ومختصر، جلها - إن لم يكن كلها - في الاقتصاد والاستثمار، والمنشور بعضها في الصحف والمواقع الالكترونية، والتي يفكر الآن في العكوف على جمعها ومراجعتها تصنيفا وتنقيحا وتصحيحا ليخرجها في كتاب أو أكثر، وإني لأشد على يديه في ذلك بكل قوة، وكم آمل يعمل على هذا الموضوع بجدية كاملة، ويعطيه ما يستحق من الوقت لنرى تلك المقالات بين دفتي الكتب، وعلى أرفف المكتبات.

قصيدة السيد الدكتور عادل الحسين في السيد راضي:

لأخينا الكريم السيد الدكتور عادل الحسين قصيدة جميلة في السيد راضي بعنوان «تألق راضي» نشرها في «خليج الديرة» يوم الأربعاء 4 شوال 1440 هـ  27 مايو 2020م مقدما لها بقوله: «أهدي هذه الأبيات إلى أخي وصديقي السيد راضي صالح الحداد، الذي أعتز وأفتخر بمعرفته وصداقته»

وفيها أشاد بالسيد راضي، وأشار إلى بعض سماته وصفاته، وختمها بالدعاء له، وهذه هي القصيدة، كما أرسلها إليّ أخي السيد الدكتور عادل متفضلا متكرما بعد أن طلبتها منه لتعذر نسخها من الصحيفة المنشورة فيها:

هَلْ تَعْرِفُونَ رَاضِيًا كَرِضَاهُ..... فَإِنَّ ذَاكَ «صَالِحٌ» رَبَّاهُ
رَاضٍ عَنِ اسْمِهِ كَمَا يَحْلُو الرِّضَا..... أَنْعِمْ بِهِ مِنْ وَالِدٍ سَمَّاهُ
تَقْوَى وَإِيمَانًا تَبَنَّتْ نَفْسُهُ..... وَفِي السُّلُوكِ بَانَ إِذْ تَرْعَاهُ
صِدْقًا وَخُلْقًا قَدْ تَبَنَّى فِي الْمَلَا..... فَكَانَ «رَاضٍ» سَاطِعًا بِسَنَاهُ
فِي الْمَالِ وَالْأَعْمَالِ كَانَ عِلْمُهُ..... أَبْدَى تَفَوُّقًا كَمَا عِشْنَاهُ
مِنْ أَوَّلِ النَّاسِ الَّذِينَ حَصَّلُوا..... شَهَادَةً عِلْمِيَّةً تَهْوَاهُ
قَدْ وَثَّقَ الْأَعْمَالَ بِالْعِلْمِ الَّذِي..... أَجَادَ فِي تَحْصِيلِهِ فَجَنَاهُ
يَا سَيِّدِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ..... وَآلِهِ وَاقْبَلْ بِهَا نَجْوَاهُ
وَكُنْ لِرَاضٍ خَيْرَ دَاعِمٍ لِمَا..... يَصْبُو إلَيْهِ مِنْ هُدَى تَقْوَاهُ

السيد الدكتور/ عادل الحسين.

يوم الأربعاء 4 شوال 1441 هـ  27 مايو 2020م.

روابط لمقالات السيد راضي ولحوار الأستاذ سلمان الحجي معه:

لعله من الجيد أن نختم عرضنا هذا بوضع بعض الروابط لمقالات السيد راضي، ليطلع عليها من أراد الاستفادة منها، ونردف ذلك برابط الحوار الذي أجراه الأخ العزيز الأستاذ سلمان الحجي مع السيد راضي، والذي تركزت محاوره حول الاقتصاد والاستثمار، وذلك تقديرا لجهود الأستاذ سلمان وجهوده التوثيقية لمعالم الأحساء، وكذا التعريف بشخصياتها البارزة في مختلف المجالات، وأيضا لما في هذا الحوار الرائع من إثارات جميلة ومهمة للسيد راضي في هذا الموضوع الحيوي والمهم، ثم نختم بوضع رابط كلمة الدكتور عادل الحسين التأبينية لأبي راضي رحمه الله، ورابط قصيدته في ولده السيد راضي حفظه الله ورعاه، مع ملاحظة أننا قمنا باختصار الروابط الطويلة، فمن لم تفتح لديه يمكنه البحث عن الموضوع بكتابة عنوان.

- رابط مقالات السيد راضي في صحيفة ألفابيتا:
https://alphabeta.argaam.com/author/detail/43229

- رابط مقالات السيد راضي في صحيفة مال:
https://ml.com/author/1091/

- رابط مقالات السيد راضي في بوابة الأفق - مكتبة الملك فهد الوطنية:
https://cutt.us/kdsBi

- رابط حوار الأستاذ سلمان الحجي مع السيد راضي الحداد في بوابة حجي الحبيب السلطان للتراث والثقافة:
https://cutt.us/7Qqax

- رابط كلمة السيد الدكتور عادل الحسين في تأبين السيد صالح الحداد «أبو راضي» في موقع المطيرفي» والمعنونة «الوجيه السيد صالح الحداد نموذج للإيمان والتواضع»: https://cutt.us/2jSil

- رابط قصيدة السيد الدكتور عادل الحسين «تألق راضي»
https://khlijm.com/177041/