آخر تحديث: 15 / 5 / 2024م - 4:26 م

علم النفس المعرفي والمنظور البيولوجي

Cognitive Psychology and Biological Perspective

علم النفس المعرفي:

علم النفس المعرفي «Cognitive Psychology» يعرف أيضاً ب علم النفس الإدراكي هو مجال فرعي من علم النفس، يقوم باكتشاف العمليات الذهنية الداخلية حيث يدرس هذا العلم كيف يقوم الناس بالتفكير، والإدراك والتذكر، والتحدث، وحل المشكلات.

أولريك غوستاف نيسر «8 ديسمبر 1928 - 17 فبراير 2012» هو «الأب المؤسس لعلم النفس المعرفي» وهو عالم نفس أمريكي مولود في ألمانيا وعضو في الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم. بحث نيسر وكتب عن الإدراك والذاكرة.

افترض إمكانية قياس العمليات العقلية للشخص وتحليلها لاحقًا ففي عام 1967، نشر نيسر كتاب «علم النفس المعرفي»، وقال لاحقًا أنه اعتُبر هجومًا على النماذج النفسية السلوكية.

جلب كتاب علم النفس المعرفي الشهرة الفورية لنيسر في مجال علم النفس واعتُبر هذا الكتاب غير تقليدي، لكن تضمن كتاب نيسر «الإدراك والواقع» بعض أفكاره الأكثر إثارة للجدل وكان الموضوع الرئيسي في كتاب الإدراك والواقع هو دعوة نيسر لإجراء تجارب على الإدراك الحاصل في الأطر الطبيعية «الصالحة بيئيًا».

افترض نيسر أن الذاكرة يُعاد بناؤها إلى حد كبير، وليست مجرد التقاط سريع للحظات واوضح نيسر ذلك خلال إحدى دراساته الشهيرة حول ذكريات الناس لحادثة انفجار مكوك الفضاء تشالنجر وفي حياته المهنية اللاحقة، لخص الأبحاث الحالية حول الذكاء الإنساني وحرر أول دراسة علمية رئيسية عن تأثير ”فلن“ حيث صنف استطلاع أجرته مجلة علم النفس العام النقدية، والذي نُشرت في عام 2002، «نيسر» على أنه الثاني والثلاثين في قائمة أكثر علماء النفس الذين استُشهد بهم في القرن العشرين.

وعرف علم النفس المعرفي على انه جميع الطرق والعمليّات التي يقوم بها الإنسان لنقل المعلومات والمدخلات الحسية، ومن ثمّ معالجتها بالتفسير والتحويل والاختصار، وآخرها التخزين لتتمّ استعادتها فيما بعد واستعمالها عند الحاجة إليها، وهذا التعريف يُبيّن آلية عمل علم النفس المعرفي، الذي يقوم بجميع عمليّات الإنسان العقلية، التي يُجريها عند تلقّي الإنسان للمعلومات، ومُعالجتها، وتَخزينها، وطريقة استرجاعها، واستعمالها في عمليّة توجيه النشاط الإنساني.

وعرّف ريد علم النفس المعرفي بأنّه العلم الذي يُطلق عليه بعِلم معالجة المعلومات، وقد عكست الدراسات والبحوث التي أُجريت في العلم المعرفي تطوّراً كبيراً، وواسعاً، ومن أبرز هذه الدراسات وأكثرها أهميّةً دراسات علم النفس المعرفي، التي انتشرت تطبيقاتها، وظهرت أهميتها في علوم مختلفة، برزت في العلوم التربوية، والنفسيّة بشكلٍ واضحٍ، وما تتضمّنه هذه العلوم من مناهج وأساليب التدريس، والتربية الخاصة، والصحّة النفسية، والعقلية، والفروق الفردية، وغيرها.

وعلم النفس المعرفي هو أحد فروع علم النفس ويعد من اهم فروع علم النفس الفرعية حيث يعمل على اكتشاف العمليات الداخلية في الذهن أي ان علم النفس المعرفي يعمل على معرفة كيف يفكر الاشخاص الآخرين وكيف يتذكر الاشياء بالإضافة إلى كيفية التحدث وحل المشكلات ولذلك يعد من اهم فروع علم النفس حيث ان هذا العلم يهتم بأهم شيء يمتلكه الانسان وهو العقل فتوقف الانسان عن التفكير يعني التوقف عن الحياة. فعادة الانسان يواجه العديد من المشكلات في حياته اليومية سواء كانت هذه المشكلات في المنزل أو في العمل وحتى نتمكن من حل هذه المشكلات يجب ان نستخدم علم النفس المعرفي حيث انه يشمل التفكير كما يختلف عن فروع علم النفس الاخرى حيث يوجد هناك فرقين وهما:

يمكن استخدام بعض الاساليب العلمية الحديثة في علم النفس المعرفي حيث يرفض الاستبطان بشكل عام واستخدامه كأسلوب للبحث ولذلك هو خلاف لما عليه من بعض التوجهات الموجودة في علم النفس فعلى سبيل المثال علم النفس الفرويدي أو مدرسة التحليل النفسي ويعد هذا اول امر جعل علم النفس المعرفي مختلف عن العلوم الاخرى.

الأب المؤسس لعلم النفس المعرفي ”أولريك غوستاف نيسر“يقر علم النفس المعرفي بوجود حالات ذهنية داخلية فعلى سبيل المثال يوجد داخل الذهن الرغبة والمعرفة والايمان والدوافع والفكرة وهو ما جعل بعض الاطباء النفسيين ومدربي التنمية البشرية يقولون بأن علم النفس المعرفي هو علم الحياة أي من خلال هذا العلم تستطيع الاستمتاع بالحياة بكل سهولة فالحياة عبارة عن طريق طويل نسير فيه وحتى نصل إلى الهدف يجب ان تعرف اتجاهات هذا الطريق.

في السنوات المبكرة لهذا العلم، كانت الانتقادات تنص بأن التوجه التجريبي لعلم النفس المعرفي كان غير متوافق مع قبوله لوجود الحالات الذهنية الداخلية. بيد أن علم الأعصاب الإدراكية قد قدم برهاناً على أن الحالات الفسيولوجية للدماغ ترتبط مباشرة مع الحالات الذهنية، بما يعني دعم الافتراض الأساسي لعلم النفس المعرفي.

المدرسة التي تتبنى هذا التوجه تُعرف بمذهب المعرفية «أو الإدراكية cognitivism». علم النفس المعرفي أيضا كان له تأثير على العلاج المعرفي السلوكي حيث يتم استخدام مزيج من علم النفس المعرفي والسلوكي لعلاج المريض.

واجه علم النفس المعرفي العديد من الصعوبات عند ظهوره فلم يتقبل العديد من الاشخاص حول العالم التوجه التجريبي لعلم النفس المعرفي بسبب عدم التوافق مع الحالات الذهنية الداخلية ولقد قام علم الاعصاب الادراكية بتقديم برهانًا يدل على ان الحالات الذهنية ترتبط بشكل مباشر مع الحالات الفسيولوجية الدماغية وهو ما يدل على وجود دعم الافتراض الاساسي لعلم النفس المعرفي ويطلب اطلاق اسم مذهب المعرفية على المدرسة التي تتبنى هذا التوجه من علم النفس حيث ان علم النفس المعرفي آثر بشكل كبير على العلاج المعرفي السلوكي ولذلك عند علاج المرضى يتم المزج بين العلاج المعرفي السلوكي وعلم النفس المعرفي.

يركز علماء النفس السيكولوجيّون على العمليات العقليّة التي تؤثر على السلوك وهي العمليات التي ركز عليها علماء النفس حيث ان هذه العمليات لها تأثير مباشر على السلوك وتتضمن تلك العمليات ما يلي:

• الانتباه:

يعرِّف علماء النفس الانتباه بأنه «حالة من الوعي المركَّز على عينة من المعلومات المدركة المتاحة» وتعتبر تصفية المعلومات غير ذات الصلة وإبعادها إحدى الوظائف الأساسيّة للانتباه، مما يساعد البيانات المهمة للتوزع على العمليات العقليّة الأخرى. حيث يستقبل الدماغ في نفس اللحظة مؤثرات سمعيّة وبصريّة وشميّة وتذوق ولمس، ولا يستطيع الدماغ سوى معالجة القليل من المعلومات، وهذا يحدث عن طريق تصفية المعلومات غير الضرورية خلال الانتباه.

ويمكن تقسيم الانتباه إلى نظامين رئيسين:

- التحكم الخارجيّ:

يعمل التحكم الخارجيّ من أسفل لأعلى ومسئول عن رد الفعل الانعكاسيّ orienting reflex وتأثير المفاجأة.

- التحكم الباطنيّ:

يعمل التحكم الباطنيّ من أعلى لأسفل وهو نظام أكثر إراديّة مسئول عن عمليات التركيز والوعي.

ويعتبر مفهوم الانتباه المقسَّم إحدى النقاط الأساسيّة المرتبطة بالانتباه في مجال علم النفس الإدراكيّ حيث تتعامل عدد من الدراسات مع قدرة الشخص المرتدي لسماعات الأذن أن يستخرج حوارات ذات معنى عندما تُقدَّم له برسائل مختلفة في كل أّذن، وهذا ما يُعرف بمهمة الاستماع الثنائيّ.

كذلك تتضمن النتائج فهمًا أكبر لقدرة العقل أن يركز على الرسالة المقدمة إليه، وأن يظل منتبهًا للمعلومات المأخوذة من الأذن الأخرى والتي لا يعيها بوجه كامل. على سبيل المثال، تقوم التجربة بإخبار المشاركين أنهم سيتلقون رسالة عن كرة السلة في أذن ومعلومات غير ذات صلة في الأّذن الأخرى، وسيتبدل هذا الوضع بأن تكون معلومات كرة السلة في الأّذن الأخرى، وعليهم في الحالتين أن يستخرجوا المعلومات المتعلقة بكرة السلة، وفي النهاية يجب أن يستخرج المشارك الرسالة كاملة، بحيث ينتبه للأذن ذات الصلة فقط. تسمى القدرة على التركيز على محادثة واحدة في مواجهة محادثات متعددة أخرى تأُثير خليط الحفلة cocktail party effect.

• الذاكرة:

وهي أحد العمليات العقلية في علم النفس المعرفي ويوجد نوعان من الذاكرة:

- ذاكرة طويلة الأمد

- ذاكرة قصيرة الأمد

حيث ان الذاكرة هي عبارة عن مكان تخزين المعلومات فيمكن ان تقوم بتخزين المعلومات واسترجاعها مرة أخرى لكن حسب نوع الذاكرة والمعلومات قد تم تخزينها في انوع من الذاكرة حيث ان المعلومات التي يتم تخزينها في الذاكرة طويلة الامد يمكن استرجاعها في أي وقت بينما الذاكرة قصيرة الامد يكون من الصعب تذكر المعلومات في أي وقت ولكن بعض العلماء يقولون ان الذاكرة قصيرة الامد أفضل من الذاكرة طويلة الامد خاصة ان هذه الذاكرة لا يوجد بها أي نوع من التشتت.

• الإدراك:

يتضمن الإدراك كل من الحواس الجسديّة «البصر والشم والسمع والتذوق واللمس والإحساس بالمكان» بالإضافة للعمليات العقليّة الإدراكيّة المتضمنة في ترجمة تلك الحواس. تلك هي الطريقة التي يفهم بها الناس العالم من حولهم عن طريق تفسير المؤثرات. بدأ بعض علماء النفس مثل إدوارد ب. تيتشينر Edward B. Titchener العمل على الإدراك في نظريتهم البنائيّة Structuralism عن السيكولوجيا. تتعامل المقاربة البنائيّة مع محاولة اختزال التفكير البشريّ «أو الوعي كما يحب تيتشينر تسميته» إلى عناصره البدائيّة لفهم كيف يستقبل الشخص مؤثرًا ما. تميل وجهة النظر الحاليّة بشأن الإدراك إلى التركيز على طرق معينة يفسر بها العقل البشريّ المؤثرات من الحواس وكيف تؤثر تلك التفسيرات على السلوك.

• اللغة:

وتعد اللغة من اهم العمليات الادراكية الموجودة التي اهتم بها العلماء وهي من اول العمليات العقلية التي اهتم بها العلماء حيث اقترح العالم ”كارل فيرينك“ في سبعينات القرن التاسع عشر نموذج للعمليات العقلية التي تتعلق باللغة ولكن هذا كان في علم النفس البدائي لكن في العصر الحالي يعمل علماء النفس على دراسة اللغة واكتسابها بالإضافة إلى المكونات الفردية في اللغة وكيف تؤثر اللغة في علم النفس المعرفي حيث انها تؤثر على المزاج ولقد تم اجراء العديد من الدراسات حول موعد اكتساب اللغة حيث ان موعد اكتساب اللغة يتعلق بقدرة الطفل على التعليم أو الاعاقة وقد ظهرت دراسة في عام 2012 م وضحت فعالية هذه الدراسات.

وفي العديد من الاوقات نجد بعض الاشخاص يقال عنهم انهم اشخاص غير طبيعيين ويعد هذا الوصف نتيجة حدوث خلل في الادراك لدى هؤلاء الرجال وبالتالي يفقد بعض الحواس منهم حاسة الانتباه التي تعد اهم الحواس التي يتم بناء عليها العمليات العقلية الموجودة في الدماغ وهو ما يعني ان عنصر الانتباه من اهم العمليات العقلية في الدماغ.

كما يجب العمل على تنمية الطفل من جانب علم النفس المعرفي حيث ان الطفل في البداية يحتاج إلى من يعلمه اللغة ويعرفه الحواس الموجودة في جسمه حتى يستطيع الطفل بعد لك إدراك جميع الحواس سواء كانت الذاكرة أو حاسة اللمس أو الشم أو النظر أو السمع.

وحديثا تخاطب وجهات النظر الحديثة علم النفس الإدراكيّ باعتباره عملية ثنائيّة، أقام هذه النظرية ”دانيال كانمان“ حيث فرَّق بين نوعين من معالجة المعلومات في الدماغ. يسميهما الحدس والتعقل. يعمل النظام الأول «الحدس» كما يعمل التعقل الترابطي ويتسم بكونه سريع وآليّ ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمشاعر المتضمنة في عملية التفكير. يقول ”كانمان“ أن هذا النوع من التفكير مبني على العادات ومن الصعب تغييره أو التلاعب به. التعقل «النظام الثاني» أبطأ وأقل ثباتًا ومعرض للأحكام الواعيّة والحالات المزاجيّة.

المنظور البيولوجي في علم النفس:

المنظور البيولوجي هو طريقة للنظر إلى القضايا النفسية من خلال دراسة الأساس الفيزيائي للسلوك البشري والإنساني. وهي واحدة من وجهات النظر الرئيسية في علم النفس وتتضمن أشياء مثل دراسة الدماغ وجهاز المناعة والجهاز العصبي والوراثة.

ويشار إلى هذا المجال من علم النفس في كثير من الاوقات إلى علم النفس البيولوجي أو علم النفس الفسيولوجي حيث نما هذا الفرع من علم النفس بشكل هائل في السنوات الأخيرة حيث انه يرتبط بمجالات العلوم الأخرى بما في ذلك علم الأحياء، علم الأعصاب، وعلم الوراثة.

لعبت دراسة علم وظائف الأعضاء والبيولوجية دورا هاما في علم النفس منذ بداياته الأولى حيث كان تشارلز داروين هو الذي طرح فكرة أن التطور وعلم الوراثة يلعبان دورًا في السلوك البشري.

يؤثر الانتقاء الطبيعي على ما إذا كانت أنماط سلوك معينة تنتقل إلى الأجيال القادمة حيث من الأرجح أن تنتقل السلوكيات التي تساعد في البقاء على قيد الحياة في حين أن السلوكيات التي تثبت خطورتها أقل احتمالا أن تكون موروثة.

المنظور البيولوجي هو في الأساس طريقة للنظر إلى المشاكل والإجراءات الإنسانية. فالنظر في قضية مثل العدوان، على سبيل المثال، شخص ما يستخدم منظور التحليل النفسي قد ينظر إلى العدوان كنتيجة لخبرات الطفولة والحث على الوعي. وقد يأخذ شخص آخر نظرة سلوكية وينظر في كيفية تشكيل السلوك من خلال الارتباط والتعزيز والعقاب حيث ينظر عالم النفس من منظور اجتماعي إلى ديناميكيات المجموعة والضغوط التي تساهم في مثل هذا السلوك.

ومن ناحية أخرى، فإن وجهة النظر البيولوجية، تشمل النظر إلى الجذور البيولوجية التي تكمن وراء السلوكيات العدوانية. فقد يأخذ الشخص الذي يأخذ المنظور البيولوجي بعين الاعتبار الكيفية التي قد تؤدي بها أنواع معينة من إصابات الدماغ إلى تصرفات عدوانية أو قد يفكرون في العوامل الجينية التي يمكن أن تساهم في مثل هذه العروض السلوكية.

الأشياء التي يهتم بها علماء النفس البيولوجيا:

يدرس علماء النفس البيولوجي العديد من الأشياء وهي نفس الاشياء التي يفعلها علماء النفس الآخرون، لكنهم مهتمون بالنظر في كيفية قيام القوى البيولوجية بتشكيل السلوكيات البشرية والموضوعات التي قد يستكشفها عالم النفس باستخدام هذا المنظور تشمل:

- تحليل مدى تأثير صدمة الدماغ على السلوكيات

- التحقيق في كيفية تأثير أمراض الدماغ التنكسية على كيفية تصرف الناس

- استكشاف كيف تؤثر العوامل الوراثية على أشياء مثل العدوان

- دراسة كيفية ارتباط الوراثة وتلف الدماغ بالاضطرابات العقلية

- تقييم الاختلافات والتشابه في التوائم لتحديد الخصائص المرتبطة بالوراثة والتي ترتبط بالتأثيرات البيئية

وقد نما هذا المنظور بشكل كبير في السنوات الأخيرة حيث تطورت التكنولوجيا المستخدمة لدراسة الدماغ والجهاز العصبي بشكل متزايد.

اليوم، يستخدم العلماء أدوات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي «PET» و«MRI» لفحص كيفية تأثير تطور الدماغ، والمخدرات، والمرض، وتلف الدماغ على السلوك والأداء الإدراكي.

فأساس المنظور البيولوجي هو النظرية القائلة بأن التغيرات الفسيولوجية تؤثر بشكل مباشر على سلوك الفرد، حيث يعتقد العديد من مؤيدي هذا المنظور أن التغيرات السلوكية تحدث على المستوى الجيني وهي نتيجة مباشرة للتغيرات التطورية التي تحدثها التكيفات في بعض الكائنات الحية التي تمنحها ميزة البقاء على قيد الحياة، وركز العديد من علماء النفس البيولوجي على السلوك غير الطبيعي وحاولوا تفسيره من منظور فسيولوجي.

اقترح تشارلز داروين لأول مرة فكرة أن الجينات والتطور يساهمان في العديد من الصفات البشرية بما في ذلك الشخصية، يتم تعريف علم الأحياء على أنه دراسة الحياة بينما يفحص علم النفس العقل البشري وعملياته، خاصة تلك التي تؤثر على السلوك، يربط المنظور البيولوجي علم النفس البيولوجي وعلم النفس من خلال التركيز على تحليل السلوك البشري بناءً على الأدلة البيولوجية والفيزيائية.

يسعى المنظور البيولوجي إلى تحديد الجوانب النفسية للسلوك البشري بالنظر إلى الأدلة من الدراسات الجينية والعصبية وكذلك دراسات الجهاز المناعي، المعروف أيضاً باسم علم النفس البيولوجي وقد لعب دور رئيسي في علم النفس منذ البداية، لقد تطورت تكنولوجيا دراسة الجهاز العصبي والدماغ بشكل كبير مع إمكانية الوصول إلى أدوات مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني والتصوير بالرنين المغناطيسي مما يجعل المنظور البيولوجي في علم النفس ذو أهمية متزايدة؛ المنظور البيولوجي وثيق الصلة بعلم النفس من خلال ثلاثة مجالات للبحث وهي:

• طريقة المقارنة:

من خلال دراسة أنواع مختلفة من الحيوانات، يمكن مقارنة سلوكها تحت محفزات مماثلة بالبيانات البشرية التي تعزز فهم السلوكيات البشرية.

• علم وظائف الأعضاء:

يبحث في كيفية عمل الجهاز العصبي والهرمونات ويحدد كيف يعمل الدماغ ويحدد كيف يمكن للتغييرات في هيكل ووظيفة هذه الأنظمة أن تؤثر على السلوك.

• الميراث:

يحقق في السمات التي يرثها الأبناء من آبائهم ويبحث في آلية وراثة السمات في الحيوانات.

الافتراضات الأساسية للمنظور البيولوجي:

يتم تحديد السلوك من خلال علم النفس البيولوجي. هناك أساس وراثي لجميع السلوكيات. معظم السلوك له وظيفة تكيفية أو تطورية. تعود أصول السلوكيات إلى مواقع محددة من الدماغ. من أجل فهم السلوك البشري من الضروري تضمين الدراسات على الحيوانات. نقاط القوة والضعف في المنظور البيولوجي: من خلال فهم الأساس الفسيولوجي للسلوك، من الممكن علاج الاضطرابات السلوكية بالعلاج الكيميائي «التدخل الدوائي» أو الجراحة النفسية «إصدارات أكثر تعقيد من استئصال الفص باستخدام فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي»؛ يسمح استخدام النظرية التطورية بتطوير تفسيرات عقلانية للسلوكيات غير القابلة للتفسير. لا يترك مجال للتأثيرات البيئية وتجارب الحياة على السلوك ويفسر بشكل ضعيف الإيثار، إنّ المنظور البيولوجي اختزالي؛ لأنه ينظر فقط إلى سبب واحد وهو السبب الفسيولوجي للسلوك أو الاضطرابات العقلية، بالتالي يبسط المرض، صورة من عشرينيات القرن الماضي تحاول ربط أنواع الدماغ بالسلوك الإجرامي؛ سميت النظرية بالحتمية البيولوجية، إلا أنّ الفكرة تسببت في مشاكل اجتماعية.

النظريات المساهمة في تطوير المنظور البيولوجي:

هناك نظريات رئيسية ساهمت في تطوير المنظور البيولوجي لعلم النفس، تطلّب تطوير هذه النظريات منظور واحد يشرح العلاقة بين علم النفس وعلم وظائف الأعضاء، يتم تحليل كل سلوك ومزاج بشري تقريباً من خلال المنظور البيولوجي لأصله الفسيولوجي؛ تمت دراسة السلوك الإجرامي والاكتئاب والسعادة واضطرابات الشخصية على نطاق واسع من خلال هذا المنظور.

يُعتقد أن السعادة ترجع إلى جودة الخبرة التي يقدمها نظامنا العصبي، تحدد شخصية الشخص إدراكه للتجربة معينة؛ ينتج الاكتئاب عن موقف مؤلم يؤدي إلى تغيير الجهاز العصبي للشخص مما يؤدي إلى إفراز أو تثبيط إفراز نواقل عصبية معينة، لا يزال المنظور البيولوجي لعلم النفس مجال دراسي تم استكشافه بقوة خاصة مع التقدم التكنولوجي بما في ذلك أدوات المسح المتطورة التي تسمح بفحص أعمق لعلم وظائف الأعضاء البشرية.

• الازدواجية:

نظرية وضعها رينيه ديكارت؛ قرر أنه على الرغم من أن الجسم والعقل منفصلان، إلا أنهما يتفاعلان من خلال الغدة الصنوبرية في الدماغ، تم تجاهل هذه النظرية من قبل العديد من علماء النفس.

• المادية:

تفترض هذه النظرية جانباً مادياً لكل السلوك، فهي تستند إلى دراسات وراثية حيوانية وبشرية تشير إلى أن الجينات تطورت على مدى فترات طويلة من الزمن.

• الوراثة:

تفترض هذه النظرية أن السمات السلوكية تنتج عن نقل الخصائص من خلال نقل الجينات من جيل إلى جيل.

• الانتقاء الطبيعي:

تم تطوير هذه النظرية من قبل تشارلز داروين الذي اقترح فكرة أن الاختلافات العشوائية في الكائنات الحية تؤدي إلى نجاح إنجابي أفضل يضمن انتقال هذه السمات إلى الأجيال اللاحقة.

• السلوك الإجرامي:

اعتبر علماء النفس البيولوجي على نطاق واسع أن السلوك الإجرامي يرجع إلى حد كبير إلى الوراثة وأن الكثيرين كانوا يؤيدون تحسين النسل، فهي حسب اعتقادهم نظرية لتحسين الجنس البشري من خلال التعقيم الإجباري للمجرمين والمتخلفين عقلياً وغيرهم ممن يُعتقد أنهم أن يكونوا غير أكفاء اجتماعيين بسبب وراثة الصفات غير المرغوب فيها.

ما يجب معرفته عن المنظور البيولوجي:

يتعلق المنظور البيولوجي بالطريقة التي يتصرف بها الناس من حيث كيف أصبحوا؛ من هذا المنظور تؤثر الجينات في جسم الإنسان على طريقة تفاعلهم مع مواقف معينة أو الطريقة التي يتصرفون بها في مواقف مختلفة، هذا يعني أن الجينات التي تم نقلها إلى هذا الفرد نتيجة لوالديه ستؤثر على الطريقة التي يتصرفون بها طوال حياتهم؛ من ناحية أخرى يبحث هذا المنظور في الطريقة التي يعمل بها الجهاز العصبي والجهاز المناعي لفهم الأساس الذي يستمر الجسم في التطور والعمل من خلاله، من خلال فهم هذه الجوانب من الجسد.

يُعتقد أن الفرد سيكون قادر على فهم سبب تفاعلهم بالطريقة التي يتصرفون بها ولكنه يسلب بعض الحرية التي يعتقد الكثيرون أنهم يتمتعون بها؛ وفقاً للمنظور البيولوجي تكون الإجراءات أقل نتيجة اختيار فردي وأكثر نتيجة لخلفية وراثية، هذا يجعل من الصعب تغيير الإجراءات في ضوء أكثر إيجابية ولكن ليس مستحيل؛ ففي كثير من الحالات يمكن استخدام هذا المنظور لاكتساب فهم شامل للسلوكيات البشرية.

يدور المنظور البيولوجي حول الطريقة التي يكون بها الشخص، بدلاً من الاعتقاد بأن العوامل الخارجية تساعد في تشكيل الفرد؛ يعتقد هذا المنظور بدلاً من ذلك أن الجوانب الداخلية للفرد أكثر أهمية بكثير لأفعاله، يعتبر هذا المنظور كذلك التأثيرات الخارجية على الفرد أقل تأثير وليست ذات تأثير على طريقة ظهورها، من هذا المنظور فإن الاهتمام والاهتمام اللذين يُمنحهما الفرد عند تربيته وحتى في حياته البالغة لن يؤثر عليهما بقدر تأثيرهما على ما ينص عليه رمزه الجيني، غالباً ما يُعتبر هذا عيب في المنظور البيولوجي؛ حيث تتم دراسته وتمت معالجته مع استمرار استخدام هذه النظرية.

الخلاصة:

مفهوم علم النفس يُعتبر علم النفس كباقي العلوم الاجتماعية الأخرى التي تتعدّد فيها مجالات الدراسة وتتشّعب فيها الموضوعات؛ حيث توجد الكثير من الأقسام المتشعّبة لعلم النفس وذلك لأنّه أصبح من الصعب على علماء النفس تفسير السلوك الإنساني مُتعدّد الاتجاهات من خلال نظريةٍ واحدةٍ فقط، أو من خلال اتجاهٍ نفسيٍ واحد؛ ولذلك فقد ظهرت أنواع وأقسام متنوّعة لعلم النفس؛ بحيث يهتمّ كل قسمٍ بسلوكٍ معينٍ من السلوكيات الإنسانيّة، فهو يفسّره ويعالجه.

إنّ هدف علماء النفس مناقشة ودراسة أنماط سلوكيّة مُختلفة يمارسها الإنسان، فهُم يهتمّون بهذه الأنماط ويُفسرونها، وهذا لا يمكن تحقيقه بالاعتماد على تفسيرٍ واحدٍ لفهم جميع أنماط السلوك الإنساني، وتفسيره، ومع هذه التشعّبات العديدة فقد أحرز علم النفس نجاحاً وتقدّماً في مجالاتٍ عدة.

رغم النجاحات والتطوّرات المُميّزة التي أحدثها علم النفس في تفسير ودراسة الكثير من الظواهر النفسية، والاجتماعية، إلا أنّها بقيت الكثير منها تحتاج إلى تفسيراتٍ أكثر عمقاً، وأكثر بياناً، وتفسيراً، وربطاً بالواقع، وبإمكانيات الإنسان، وظروفه المختلفة، ونَظراً لقصور علم النفس في حلّ مشكلات بعضٍ من هذه الظواهر، وعجزه عن إعطاء التفسير المنطقي والدقيق لظاهرةٍ ما وَجد علماء النفس أنّه من الجيّد والمفيد، وجود اتجاهاتٍ عدة، ونظرياتٍ مختلفة الاتجاه تهتمّ بالظواهر النفسيّة المختلفة؛ فكُلّ نظريّةٍ تستطيع أن تُعالج جانباً مُعيّناً أو ظاهرة بعينها.