آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

أشياء تعلمتها في عشرة أيام!

في أول عشرة أيَّام من السنة، 1444 هجريَّة، تعلمتُ دروسًا كثيرة في الحياة منها: يد الله مع الجماعة، أنا وأخي أقرب من الغريب، نشر المفاخر أجمل من نشرِ الغسيل!

يد الله مع الجماعة؛ ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ، ، ”الريح“ في اللغة، هي الهواء. وأما ذهابها، فهو إشارة إلى زوال القوَّة والعظمة، وتوقف سير سفن المجتمع، ومن ثمّ عدم وصوله إلى مقاصده المبتغاة.

أنا وأخي نختلف؛ اختلافنا يخصنا الاثنين، لا غير! ما شاع عن الاثنين ذاع، يشمت الأعداء، ويبقى في خانة تجميع ”لايكات“ كما يسميها حفيدي ذو العشر سنوات. إن أحببتَ أن تقوم اعوجاجي وتنصحتي، كلمني في السرِّ، بيني وبينك، أجمل. أما إذا أردت فضيحتي، فانصحني في العلن، كيف إذن إذا كلتَ لي المذمَّة والنقيصة على رؤوسِ الأشهاد؟ ”من وعظَ أخاه سرًّا فقد زانه، ومن وعظه علانيةً فقد شانه“. أنا وأخي أقرب إلى ابن عمي، وأنا وابن عمي وأخي أقرب من الغريب!

لا تنشر غسيلنا على السطح؛ كل النَّاس عندهم غثّ وسمين، فإذا أردتَ أن نظهر بمظهرٍ جميل، انشر محاسني ومحاسنك ومحاسن مجتمعنا، وهي محاسن كثيرة لا تحصى. نشر الغسيل لا يضيف إلى ثقافتنا شيئًا: ما زاد حنونُ في الاسلامِ خردلةً ** ولا النصارى لهم شغلٌ بحنّونِ

من أجمل ما قرأت في هذا الباب، أبيات الشعر التالية المنسوبة للشافعيّ:

لسانك لا تذكر به عورة امرئٍ ** فكلك عوراتٌ وللناسِ ألسنُ

وعيناك إن أبدت إليك معايبًا ** فدعها وقل يا عين للناسِ أعينُ

وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى ** ودافع ولكن بالتي هي أحسنُ

أستطيع أن أناديكم أصدقائي، أو أبنائي، لأقول لكم: تبًّا لنا إن أخفينا مفاخرنا ومنجزاتنا وهي كثيرةٌ جدًّا، وتسابقنا إلى نشر خلافاتنا وترّهاتنا، الخالية من النفع! تبًّا لنا إذا تبارينا وتبارزنا في كيلِ الشتائم والسباب، بدلًا من نشر لغةِ الحبّ والوئام! إن نحن اختلقنا معارك مع طواحين الهواء وتطاحنّا لأسباب تافهة! إن نحن نجحنا في القسمة وفشلنا في الجمع!

يستغرب بعض الإخوة أنني أتغاضى عن السلبيَّات، وأضخم الإيجابيَّات، وردي دائمًا: عندما نذكر المحاسن ونمدَحها، فنحن نذكر النقائصَ ونذمّها، لكن بطريقةٍ أجمل. لا تظنّ أنني أبالغ إذا قلت: ما أكثر الأشياء والصفات الحسنة الجميلة في مجتمعنا وناسنا! أنساها كلها وأسوِّد الصفحاتِ البيضاء بالذمّ والانتقاص؟!

مستشار أعلى هندسة بترول