آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 8:57 ص

النعجة والعنز!

أصلها واحدة من حكايات أميّ، رحمها الله وكلَّ الأمهات، أضفتُ لها بعض الرتوش لكي أسقطها في الزمنِ الحاضر، ويحملها واحد من أبناء هذا الزمان. حكايات في باطنها ثمار تجارب أجيالٍ مضت من البيئة التي عاشوا فيها!

كان أهل ذلك الزمان يربون المواشي في الحقول؛ الخراف، الماعز، البقر، الحمير وغير ذلك، كل صنف من هذه الحيوانات يصادق ويألف صنفه أو الذي أقرب إليه من غيره!

مشت يومًا نعجة، أو شاة، وهي أنثى الضأن، وعنز - أنثى الماعز - كل واحدة تحكي همومها للأخرى؛ الذئب، جور الراعي، ألم سكاكين الجزار والنهاية المحتومة، الحرّ والبرد، جفاف المرعى، كل أولئك أعداء في ساعة وفي لحظة.

وصلتا إلى ساقيةِ ماءٍ يعبَراها إلى جنابٍ ممرعٍ من الحقل، من فينا ينطّ الساقيةَ أولًا؟ النعجة أم المعزة؟ بعد جدال ليس بالقصير قالت النعجة: أنا أنطّ أولا، أنت المعزة بعدي! نطّت النعجة، تمايل جسمها وانكشف كَفلها عن عورتها قليلا! أخذت المعزة تصرخ: تعالوا، انظروا، أيها الحيوانات كلكم، لهذه النعجة، كيف تبدو عورتها؟! كيف لا تستحي ولا تختشي؟

ردت النعجة بكل هدوء: يا ابنةَ عمي، عورتكِ مكشوفة لهم كلهم، هل تعرفين أن ذيلكِ لا يغطّي مؤخرتك؟! لماذا الصراخ؟ ثمّ ذلك الذئب خلف الأكمة ينتظر واحدةً منا، لا يهمّ من تكون، الستر والكمال والجمال عديتيهِ عيبًا؟

لا تفضحنّ غيركَ بما اطلعتَ عليه من خفيّ سرّه!

لا تذمّ أحدًا إلا بعد إصلاحِ نفسك!

حبّ أهل الصلاح واطلب من اللهِ أن تكون منهم!

حبّب النَّاس في الله بالنصيحة ولا تبعدهم عنه بالفضيحة!

القارئ الكريم يجد في الحكاية السالفة معانٍ أخرى، لا تتسع الخاطرة لذكرها، دون إسقاطها على شخصٍ أو حالة بعينها!

خلاصة الحكاية: من عابَ ابتُلي! جاء عن الخضر - في وصيته لموسى -: ”يا بنَ عمران! لا تعيرن أحدًا بخطيئة، وابكِ على خطيئتك“. تشتعل فينا جذوةُ حماسة الانتقاد والتصغير والتسقيط والتشهير، تجري على ألسنتنا رغبةً منا في إظهار مناقص غيرنا فنصير نرى القذاةَ في عينِ أخينا ولا نرى الجذعَ في أعيننا! وفي كل ذلك نقول: إنما نريد الصلاحَ والخيرَ لكم!

مستشار أعلى هندسة بترول