آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

لا ترسلها ولك الأجر والثواب!

تلك المذيلة باسمِ الله والأخرى المعنونة من روائعِ فلان! لا ترسلها ولا تعيد إرسالها وأغلب الظنّ أنك تثاب على ذلك. المضحك أن هذا النمط من الرسائل يقرأه ملايين من الناس! وتحوز على رضاهم وإعجابهم!

في هذه الفترة من الزمن، ومع انتشار وسائل التواصل الإجتماعيّ وتنافس ما ينشر فيها، تصل بعض الرسائل مذيلة بجملة تحث القارئ أو المتلقي على إعادة إرسالها إلى أكبر عدد من الناس؛ ”أرسلها ولك الأجر والثواب“، ”أرسلها وثوابهَا إلى روح والديك“. وهلم جرّه من الجمل التشجيعية على إعادة الإرسال والتدوير!

الواقع أن عدم تدوير الرسائل كلها - أو أغلبها - فيه ثواب أكثر من إعادة إرسالها والأسباب كالتالي، وإن رأى القارئ الكريم غير ذلك:

أولا: الرسائل التي تحث القارئ على إعادة إرسالها في الغالب قليلة الفائدة. الرسائل الجيدة لا يحتاج القارئ الفطن إلى تشجيع لإعادة إرسالها، مثلها مثل أي بضاعة جيدة، لا تحتاج إلى كثيرٍ من الدعاية والعناء لمعرفة جودتها!

ثانيًا: هب أن الرسالة تستهلك دقيقةً واحدة من أجل فحصها وقراءتها، وأرسلتها إلى عشرة أشخاص، ومن ثمّ أعاد بعضهم إرسالها، كم من الوقت يضيع في تلك الرسالة؟ بعض الرسائل فيها استثارة مشاعر وإطالة وتستهلك أكثر من دقيقة واحدة!

ثالثًا: في بعض الرسائل مساءلة قانونية، رسائل السخرية والعنصرية والكراهية وغيرها، كثيرة هي الرسائل التي من هذا النمط!

خلاصة المرام: بعض الرسائل تفترض منا أن نكون حمقى، لا نعرف ما يصلح لنا، تسوق باسم الله لتصل إلى أكبر عددٍ من القراء والمشاهدين. رويدًا رويدًا، وقتك أثمن من أن تضيعه في قراءة رسالة يحلف مرسلها ويقسم عليك بالأيمان المغلظة أن ترسلها إلى سبعة أصدقاء، أكثر أو أقلّ. وقت من ترسلها لهم أثمن منها!

ثم تلك المعنونة؛ من روائع فلان الفيلسوف، فلان الإمام، فلان العالم، فلان الكاتب! إذا لم تعرف إسلوب الكاتب ولم تقرأ له ولم تسمع الخطيب لا تعيد إرسال الرسالة:

من يقرأ القرآن الكريم مرّة واحدة يعرف كلام الله!

من يقرأ مقولاتِ الخليفة والإمام عليّ بن أبي طالب مرّة واحدة يعرف كلامه!

من قرأ قصة واحدةً للكاتب الروسي تشيخوف يعرف أسلوبه القصصي!

من يقرأ قصيدةً كاملة للشاعر المتنبي يعرف شعره!

لكل إنسانٍ بصمة عَين وبصمة أصابع وبصمة ذوق فكري تميزه عن غيره من البشر، فإذا تعرفتَ على تلك البصمة لن تشتبه عليك. حتمًا لن تعرف هذه البصمة من رسائل التواصل الاجتماعيّ، إنما من قراءة ما تركوه من تراثهم الفكريّ في كتبهم وآثارهم!

مستشار أعلى هندسة بترول