آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

باسم المحبة لا تقولوا عن علي بن الحسين مريضًا أو عليلًا!

شاءت الأقدارُ أن يكون الإمام علي بن الحسين مريضًا في مطلع سنة 61 هجرية، وكان ذلك سببًا في نجاته وامتداد حياته حتى وفاته في الخامس والعشرين من شهر محرم، 95 هجرية، ما يعني أنه عاشَ حوالي 57 سنة هجرية. ومهما يكن نوع مرض الإمام علي بن الحسين فإنه على ما يبدو لم يدم مدة طويلة - عدّة أيام - وبعدها كان نشطًا فاعلًا قائمًا، عَبَرَ أقسى فترات التاريخ الإسلامي صعوبةً وشدَّة في اضطراب الأمواج!

- لم يكن مريضًا، فهو الذي ترك أكبرَ إرثٍ روحيّ مكتوب، يقرأه ويعشقه كل أهل الملل والديانات، أدعية ومناجات وحقوق إنسانية وغيرها. تراثًا يقرأه محبوه ومحبو الله في أعقابِ صلواتهم وفي كلّ يومٍ من أيّامِ الأسبوع وفي المناسبات الدينيَّة.

- لم يكن مريضًا، فهو حج مرّات وفي إحدى حجّاته، حجّ هشام‌ بن‌ عبد الملك‌ فلم‌ يقدر عل?‌ استلامِ الحجر من‌ الزحام‌. فنُصب‌ له‌ منبرًا فجلس‌ علىه‌ وأطاف‌ به‌ أهل‌ الشام‌، فبينما هو كذلك‌ إذ أقبل‌ عليّ بن‌ الحسين‌‌ وعلىه‌ إزار ورداء، من‌ أحسن‌ الناس‌ وجهًا وأطيبهم‌ رائحةً، بين‌ عينيه‌ سجّادة‌، فجعل‌ يطوف‌، فإذا بلغ‌َ إل?‌ موضع‌ الحجر تنحّي‌ الناس‌ُ حتّى يستلم الحجر هيبةً له‌. فقال‌ شامي‌ّ: منْ هذا يا أَميرَ المؤمنينَ؟!

فنكره هشام وقال: لاَ أَعْرِفُهُ؛ لئلّا يرغب‌ فيه‌ أهل‌ُ الشام‌. فقال‌ الشاعر الفرزدق‌ وكان‌ حاضرًا: لكنّي‌ أنا أعرفه‌! فقال‌ الرجل الشامي‌ّ: مَن‌ هو يا أبا فراس‌؟! فأنشأ قصيدته المشهورة ومطلعها:

يَا سَائِلي‌: أَيْنَ حَلَّ الجُودُ وَالكَرَمُ

عِنْدِي‌ بَيَانٌ إذَا طُلاَّبُهُ قَدِمُوا

- لم يكن مريضًا، فهو كان يخرج في الليلةِ الظلماء، فيحمل الجرابَ على ظهره حتى يأتي بابًا بابًا، فيقرعه ثم يناول من كان يخرج إليه، وكان يغطّي وجهه إذا ناول فقيرًا لئلَّا يعرفه. ذكر التاريخ إنه كان ناسٌ من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم، فلما مات عليّ بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل!

كيف يكون مريضا؟ وهو الذي قال فيه رسول الله ﷺ: إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ أين زين العابدين؟ فكأني أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطر بين الصفوف.

له ألقاب عدة، ومنها: زين العابدين، سيد العابدين، ذُو الثفنات، والسجاد.

في هذه النبذة البسيطة - المختصرة - من أفعال الإمام عليّ بن الحسين ، رغبتُ أن لا يلتبس الأمر إذا قال أحدنا: مريض كربلاء وغير ذلك من أوصاف العلل بأن عليًّا السجّاد ، كان مقعدًا، عليلًا، مريضًا! بل هو كان متحركًا نشطًا، وفاعلًا بصورة استثنائية، بلحاظ ما جرى له ولأهله في شهر محرم سنة 61 هجرية، وما جرى عليه من ذيول ذلك الحدث الضخم المفجع. ثمّ ما تلا ذلك الحدث من أحداث من السهل جدَّا - ومن المفيد - للقارئ الكريم تتبعها ومعرفتها!

مستشار أعلى هندسة بترول