آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:06 م

رفض الحياة

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

عندما تبدأ في قبول الآخر فأنت وصلت لمرحلة من مراحل النضح، فهذه المرحلة من النضج الإنساني لا تأتي اعتباطا هي نتاج تجارب وتفكير وثقافة وتغير سلوكي للفرد والبيئة التي يعيش فيها، وغالباً أرواحنا تهفو إلى تفسير كل ما يمر بها، فالحالة الذهنية التي نعيش بها هي ما ترتكز عليها حياتنا من تغيرات وتطورات، والإصرار على أن نعيش بوتيرة واحدة هو مبدأ لتحطيم الإبداع وحجر يقف في طريق الثقافات الأخرى التي يجب أن نتعرف ونندمج معها لنعي الفروقات بيننا ونتمسك بثقافتنا ونطورها بما يتناسب مع عالم مليء بالاختلاف ولكننا لا نستطيع الوصول لهذه المرحلة، لأن الازدواجية التي يمارسها الإنسان ضد نفسه تجعله مذبذب ولا يعرف إلى أين يتجه، فالإنسان أحادي النظرة لا يميز بين الأشخاص والمواقف والقيم، ولا يعلم عن حقيقة نفسه إلا عند المواقف التي تعريه أمام نفسه وفي النهاية لا هو انتصر ولا غلب لأنها معركة قيم ومبادئ وضمير وصمود أمام النفس.

 فالبشر يتشابهون كما يتشابه الموسيقيون في أوركسترا، ومع البعض المختلف عنك تكتشف فكرا تجري من تحته الأنهار، فالاختلاف ليس صناعة بشرية وهو ميزة كونية، هو الشرق والغرب والشمال والجنوب، هو أواسط نيكاراغوا وبياض ثلج القطب، هو كائنات تحت البحر وفي البر، هو كل شيء متناغم مع ما حوله، كيف للإنسان أن يرفض الحياة؟ إن تغيير طريقة تفكيرنا وإقناع العقل اللاواعي بداخلنا بضرورة قبول كل شيء حولنا هو عملية صعبة ولكن ليست مستحيلة، ففي قصة يذكر أحد أصحاب الشركات الذي تعرض لخسارة فادحة كادت تجعل شركته في ذمة التاريخ خلال ثلاثة أشهر، حيث يقول: إنه اكتشف السر وتحول كل شيء في حياته تحولا تاما لأنه غير طريقته في التفكير وفي قبول الحلول الأخرى وبينما كان المحاسبون يؤكدون له انهيار شركته كان هو يركز على الوفرة وأن كل شيء على ما يرام يقول: «كنت أعلم بكل خلية من خلاياي أن الله سوف يسخر الكون ليمنحني ما أتمناه وقد كان». وهذه القصة تثبت لنا أن الإنسان عندما يؤمن في عقله الباطن بشيء فسوف يتحقق لا محالة.