آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 10:38 م

صوت الديك ولا عدمه!

أي إسقاطاتٍ لهذه الخاطرة - الحقيقية - تسقطها أيها القارئ العزيز أو القارئة العزيزة هي من نسجِ أذهانكم، وأنا بريء منها براءة الذئبِ من دم يوسف النبي .

كان إفطارنا هادئًا صباح أمس الجمعة، فسألتني زوجتى: ألا تلحظ أن شيئًا اختفى؟ ولأني قليل الملاحظة، قلت: اختفى؟ ماذا؟ قالت: اختفى صوتُ الديك من بيت أخيك! قلت: أوه، حتمًا لن يبيعوه، على ما يبدو أهدوه لآخرين لأن صوته في الشتاءِ كان أرفع وأعلى من أداءه! كل الرجاء أن لا ينتهي وليمة على سفرة من انتقلَ إليهم!

جاري - وهو أخي الأصغر سنًّا مني مباشرة - ”كان“ عنده ديك بلدي في داره، لا يملّ من الصياح. لولا كراهية الحلف، حلفتُ لكم أن بين الصيحةِ والأخرى ثانية واحدة. كان واضحًا أن الديك لم يكن لديه وقت للقيام - أو لم يهتمّ - بالأعباء الزوجية؛ البيض والجلوس فوق البيض طوال مدة الفقس والعناية بالصِيصان؟

يمارس الديك فطرته بشكلٍ فظيع وفاقع في الصوت والتمثيل والتظاهر بأنه منشغلٌ بأمرٍ هام جدّا! وعلى ما يبدو أن الديكة متشابهة لأن ديك الجار الآخر - القريب من المسجد - لا يفتأ يصيح وينافس صوته في الشتاءِ صوتَ المؤذن في كلّ أوقات الصلاة، حتى الفجر لا ينام!

يقول المثل: ”من قلة الرجال أسموا الديك أبو علي“! أعزائي الرجال: واجبنا أكثر من الصياح والزعيق والتسلط ونفش الريش والتجمل بالكنية - أبو فلان - وتحدي الديكة الآخرين، وإلا لا تستغربوا إذا ما رغبنَ النساء في التخلي عنّا وزهدنَ في الزواج.

يحكى عن امرأةٍ عاشت مع زوجها أغنياء في دارٍ كبيرة فوق رأسِ جبل. كان زوجها كريمًا مضيافًا لكنه افتقر وبعد مدّة مات الرجل. بقيت المرأةُ ليس عندها إلا ديكًا أسمته ”أبو علي“ تُخيف به كلَّ من يقترب من دارها وتنادي الديك: هاتِ السكين والسلاح يا ”أبو علي“. شكَّ أهل المرأة أنها اتخذت عشيقًا - أبو علي - فهجموا على دارها بحثًا عنه. فأخرجت لهم الديك وقالت: قبل أن تعرفوا من هو ”أبو علي“ أقول لكم: حين كان عندنا المال عرفتمونا وبعد أن صرنا فقراء لم تسري النخوةُ في أحدٍ منكم ويسأل عنا! ما جاءت وحلت فيكم النخوة إلا عندما عرفتم وجود ”أبو علي“!

عندما تنتصف الليالي وتسمعوا صوت الديك، أو يطلع الفجر وتسمعوا صوته، فإن ذلك صوتٌ أودعه الله فيه. نحن لا نفهم ما يقول الديك ولكن نفهم ما يقول الإنسان وما يقول الزوج لزوجته، وبين القول والسماع بونٌ شاسع يفسر الابتعادَ والافتراق أو المحبةَ والوداد.

مستشار أعلى هندسة بترول