آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

تاريخ المعلوماتية في المملكة

أمين محمد الصفار *

قبل أكثر من عشرة أعوام اقترحت على إدارة المصرف الذي كنت أعمل فيه إقامة متحف دائم للمصرف، يروي مراحل التطور التي مر بها المصرف اعتمادا على النظام المصرفي التقني الذي كان يستخدمه المصرف في كل مرحلة الذي يتم استبداله بين فترة وأخرى تبعا لتطور الاحتياجات المصرفية ودرجة تعقيدها. إذ أن النظام التقني «Core Banking System» لأي مصرف هو العامل الرئيس والعمود الفقري لكل مرحلة، فمع كل تغيير للنظام يتغير كل شيء في المصرف تقريباً.

التقنية في المملكة يمكن اعتبارها حديثة نسبياً، لكن سرعة التطور والتأثير الكبير جعل حساب سنوات تاريخها يبدو مختلفاً عن حسابات التاريخ الأخرى، وهنا لا بد لنا من الفصل المؤقت وغير الكامل بين التقنية وبين الإنترنت، التي اعتمدت التقنية وخدمتها أيما خدمة، حتى ظهر لنا مصطلح المعلوماتية الذي يجمع بين الاثنين. فخدمة الإنترنت هي الطرف الآخر للتقنية وهي عالم آخر يستحق أن يفرد له تاريخ منفصل أيضا.

تكمل الإنترنت هذا العام ربع قرن على دخولها رسمياً للمملكة، وقد سبق دخولها الرسمي بأكثر من عشر سنين ارتباط عدد من الجهات العلمية والبحثية بالإنترنت، ولعل جيلنا أكثر وعياً للتطور الذي حدث للإنترنت، منذ بداية دخولها للمملكة وتطور مرجعيتها الحكومية وتطور طرق الاتصال بها مروراً بتطور وتعدد الاستخدامات، وظهور ثم تطور آمن المعلومات، تلك المعلومات التي أصبحت تفصيلية وهائلة وحساسة وثروة عالية الأهمية على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول.

تاريخ المعلوماتية في المملكة هو موضوع وعنوان رغم أهميته وتفاصيله الكثيرة إلا أنه غير متداول، وحسناً فعل منتدى الثلاثاء الثقافي عندما خصص ندوته لهذا الأسبوع حول تاريخ المعلوماتية في المملكة لتسليط الضوء على الجوانب الرئيسية في هذا الشأن. إذ يستضيف خبير المعلوماتية الأستاذ علي اليعقوب، الخبير الذي له باع طويل في المجال التقني، إذ جمع بين التخصص العلمي والعمل الأكاديمي والممارسة الفعلية في عدة مناصب إدارية ومواقع مختلفة، وقد سلط الضوء على تاريخ المعلوماتية في المملكة في كتاب صدر له مؤخراً بعنوان“معالم في تاريخ المعلوماتية في المملكة”.

لقد غيرت المعلوماتية مسار التعليم الأكاديمي وأنتجت معجماً جديداً من المصطلحات اللغوية الخاصة بها، كما غيرت هيئة وشكل تصاميم مقرات ومكاتب الأعمال وأصبحت المعلوماتية اليوم قطاع أقتصادي هام، تعتمد عليه مختلف القطاعات الإنتاجية الأخرى، يؤثر في مستوى جودة الحياة وينتج الوظائف ويساهم في التنمية ويرفد ميزانية الدول وقوة تأثيرها.

إن التنزه في حديقة تاريخ المعلوماتية رغم قصره، إلا أن فيه الكثير من المتعة المعرفية التي تتسم بالحيوية، فأنت تستعرض تاريخاً تستطيع أن ترى نفسك فيه وفي أي موقع كنت. ويبقى الجانب الأهم من استعراض تاريخ المعلوماتية وهو القدرة على استشراف شيء عن مستقبل المعلوماتية ومستقبل القطاعات التي تخدمها المعلوماتية أيضا.