آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 2:08 م

وصايا المرحوم عبد الله صباح آل نصيف من القبر!

المهندس هلال حسن الوحيد *

أنا الحاج عبد الله صباح محمد آل نصيف «آل سعيد» اختارني الله يوم الأربعاء، 18 كانون الثاني/ يناير 2023م، قبل يومٍ تقريبًا، أرسل لكم أنتم - أحبائي - الذين لا تزالون في دار الدنيا هذه الرسالة وفيها وصايا أربع من دار الحقيقة التي انتقلتُ لها:

الوصية الأولى: اعملوا لآخرتكم حتى آخرَ نفسٍ في حياتكم. أنا لم أترك صلاةَ الجماعة إلا اليوم الذي غبتُ فيه عن الحياة. كنتُ موجودًا في مسجد الزهراء والمصلون يشهدون بأنهم رأوني يوم الثلاثاء ظهرًا. كنت أحضر قبلهم وأنشَغل بالصلاة حتى تقام صلاة الجماعة. كنت أحافظ على الصفّ الأول، الرابع أو الخامس أو السادس من يمين الصفّ الأول!

الوصية الثانية: حافظوا على جمالِ مظهركم وجمالِ أخلاقكم. فأنا يشهد لي كل من يعرفني في المساجد أني كنت أنيقًا في مظهري، دمث الخلق، رقيق مثل نسمة ربيع، أسلّم على كلّ من ألقاه، منشغل بنفسي عن غيري.

الوصية الثالثة: حافظوا على حضور مجالس عزاء الإمام الحسين . أنا كنت من المكثرين من الحضور ومن البكائين. فاطمة الزهراء تستقبلني اليوم وتشملني بعطفها وتواسي غربتي كما واسيتها وعزيتها في ابنها وأنا في الدنيا.

الوصية الرابعة وهي الأهم: انتبهوا، احذروا، بالأمس كنت معكم وغدًا تكونون معي! الدنيا أقصر مما تظنون. الناس يسيرون في الأرض وهم نيام فإذا ماتوا انتبهوا! في المسجد أربع وأربعون صورة لأناس ماتوا وأنا الآن الصورة رقم 45!

من جهتنا، وصلت رسالتكم. منذ يوم الاربعاء صار مكانك في المسجد خاليًا يبكي: قال النبيّ ﷺ: ”إذا مات المؤمنُ ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّ مكانها شيء وبكت عليه بقاعُ الأرض التي كان يعبد اللهَ فيها“. لو كان بإمكاننا إرجاع عقاربِ الساعة رددناها، ولو كان في قدرتنا ردّ القضاء رددناه، هيهات فهي مشيئة الخالق بأن يموتَ كلّ مخلوق ولا يبقى إلا هو ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ . وكما يقول المثل: إذا شئتَ أن تنظر الدنيا بعدكَ فانظرها بعدَ غيرك:

وما نحن إلا مثلهم غير أننا * أقمنا قليلًا بعدهم ثمّ نرحلُ

الرحمة من اللهِ لك، والعزاء وحسن الخلف لأهلك ومحبيك! تطلع الشمسُ كلّ يومٍ على مغيبِ أناسٍ، وتبقى ذكراهم صفحاتٍ في كتاب الماضي، هكذا هي الدنيا!

فكم من فتى أمسى وأصبحَ ضاحكًا ** وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري

مستشار أعلى هندسة بترول